سورة التكاثر

تأتي سورة التكاثر في الترتيب في المصحف بترتيب الله (‪عز وجل‬) بعد سورة القارعة تحذير وتخويف وتنبيه‫.‬‬‬‬‬‬‬‬

أَلْهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ﴿1﴾ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ ﴿2﴾ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿3﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿4﴾ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ ﴿5﴾ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ﴿6﴾ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ ﴿7﴾ ثُمَّ لَتُسْـَٔلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴿8﴾
التكاثر‫:‬ أن يستكثر الإنسان من الشيء، وربنا (‪تبارك وتعالى‬) يقول‫:‬ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ والسورة مكية في أرجح الأقوال وإن كان الإمام البخاري روى أنها مدنية‫.‬ ألهاكم التكاثر ولم يقل عن أي شيء ألهاهم، حذف ما ألهى عنه الإنسان للتخويف وللتهديد ولكي تُعمِل عقلك وفكرك‫.‬ وفي هذه الآية قال بعض العلماء‫:‬ كان حَيَّان أو قبيلتان من أهل مكة يتفاخرون بعددهم فغَلَبَت إحدى القبائل الأخرى -قيل بني عبد مناف وبني سهل- فقالت المغلوبة لقد تكاثرتم معنا بالأحياء وقد أهلكنا القتال هلم بنا نضيف الأموات فذهبوا إلى المقابر أو هم جلوس عدوا الأموات فغلبت المغلوبة الأخرى الغالبة فنزلت الآيات، قيل هذا‫.‬ وقيل‫:‬ بل الآية والسورة نزلت عامة في شأن الناس الذين ألهتهم الدنيا عن الآخرة‫.‬ وقال بعض الناس وحَلَف أن السورة نزلت في التُّجَّار‫.‬ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾ جمعتم الأموال وأخذتم تتكاثرون بها وفيها حتى مُتُّم وذهبتم إلى القبور وأنتم عن الساعة والقيامة غافلون‫.‬ وسمع أعرابيٌّ هذه الآيات‫:‬ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾ فهَبَّ واقفاً وهو يقول‫:‬ بُعِثَ القوم ورب الكعبة لأن الزيارة لابد لها من نهاية‫.‬ ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ إذاً فالميت في قبره زائر، وللزائر يوماً ينهي فيه زيارته، إذاً فهناك بعثٌ، ولذا عُبِّرَ عن المــُكث والبقاء في القبور بزيارة، فهي زيارة وإن طالت لابد ولها نهاية‫.‬ ﴿أَلْهَاكُمُ﴾ والإلهاء‫:‬ الصرف إلى اللهو في أصل الكلمة‫.‬ ألهاه‫:‬ صرفه عن شيء يهم وعن شيء يعني إلى شيء لايهم ولا يعني، ذاك هو اللهو‫.‬ تَلَهَّى وألهاه ولَهَا‫.‬ لَهِيَ يَلهِي لَهْيَاً: انصرف عما يعني ويهم إلى غيره‫.‬ ألهاكم‫:‬ شغلكم، ألهاكم‫:‬ غفلتم عن‫.‬ ما الذي ألهاكم؟ التكاثر، حب الدنيا وحب الجاه، حب المال، حتى مُتُّم ودُفِنتُم ودخلتم في القبور، ومهما مكثتم فإلى الله تُحشَرون فما هي إلا زيارة‫.‬ ﴿كَلَّا﴾: ردع وزجر عن هذا السلوك، سلوك الإنسان في جمع الدنيا والجري فيها ونسيان الآخرة، يفاجئه الموت على غير انتظار‫.‬ ﴿كَلَّا﴾: إياكم‫.‬ أو هي بمعنى‫:‬ حقاً ستعلمون‫.‬ ستعلمون ماذا؟ ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ولم يأت الخبر، حُذِف، وكأنه ينبه ويقول‫:‬ سوف تعلمون خطأ رأيكم وسوء عملكم حين ترون العذاب أو ترون القيامة أو تدفنون في قبوركم‫.‬ سوف تعلمون أن التكاثر في هذه الدنيا كان خطأ وأن يلهي الإنسان عن الآخرة بالدنيا مصيبة‫.‬ ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ "ثُمَّ" هنا تفيد أن الثانية أبلغ من الأولى، ولذا قيل‫:‬ ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ حين تموتون، ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾: حين تُقبَرون‫.‬ وقيل ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ حين تدخلون القبور، ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾: حين تُبعَثُون‫.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)﴾ "كلا" مرة أخرى زجر، تهديد، وعيد‫.‬ ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ وعِلْمُ اليقين‫:‬ العِلْمُ الجازم المتحقق الموافِق للمعلوم بلا شك فيه‫.‬ لو تعلمون علم اليقين ماذا يحدث؟ لتركتم ما أنتم عليه من تكاثر ولعلمتم حساب الآخرة ولسعيتم إلى الله‫.‬ ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ ليست جواباً بل هو قَسَم، أو جواب قَسَم مُقَدَّر أي‫:‬ واللهِ لَتَرَوُنَّ الجحيم‫.‬ ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ ولم يأت بالجواب، الجواب معناه لو تعلمون علم اليقين، العلم المتحقق العلم الجازم بقيام الساعة وبالحساب يوم القيامة وبأن الناس ينصرفون إلى النار أو ينصرفون إلى الجنة، لتركتم ما أنتم عليه ولعملتم حساب الآخرة‫.‬ ثم بَيَّنَ ما أخفاه وأظهر ما هَدَّدَ به مُقْسِمٌ عليه‫:‬ "لَتَرَوُنَّ الجحيم" والجحيم‫:‬ اسم من أسماء جهنم‫.‬ وقال بعض الناس المقصود بالآيات‫:‬ لو تعلمون علم اليقين في الدنيا وتوقنون بالساعة وتؤمنون بالقيامة وتُصَدِّقُون بالبعث تصديقاً يقينياً كأنك تراه، لرأيت الجحيم بعين قلبك وفؤادك فخشيت الله‫.‬ والأرجح أنها منفصلة، ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾: جواب قَسَم مُقَدَّر، لأن رؤية الجحيم حق، ربنا يُقسِمُ على ذلك‫.‬ هل الآيات في الكافر أم الآيات في الإنسان عموماً؟ قيل أبداً لا يمكن أن تكون في الإنسان عموماً، بل هي في الكافر لأنه لا يرى الجحيم إلا الكافر‫.‬ وقال بعض الناس للإنسان عموماً، أما المؤمن فيمر عليها، وهو العَرْض ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [سورة مريم آية‫:‬ ٧١‬] وأما الكافر فداخل فيها‫.‬ ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ أي‫:‬ ذات اليقين، عَينُ الشيء‫:‬ ذَاتُه ونَفْسُه‫.‬ اليقين‫:‬ المتَأَكَّد‫.‬ وقيل اليقين‫:‬ هو رؤية العين‫.‬ وقيل (‪لَتَرَوُنَّ‬) الأولى -لترون الجحيم-حين تُعرَض لهم من مكان بعيد ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [سورة الفرقان آية‫:‬ ١٢‬]، ﴿ثم لَتَرَوُنَّهَا﴾: حين يدخلوها‫.‬ فالأولى رؤية العين، والثانية ذَوقٌ، يذوقون الجحيم‫.‬ ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾: وهو الأمر المذاق المتيَقَّن المتأكَّد، وكأنه اليقين نفسه‫.‬ ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ قالوا المسئول عن النعيم‫:‬ الكافر، لقول الله (عز وجل): ﴿وهل يُجَازَى إلا الكَفُور﴾ [سورة سبأ آية‫:‬ ١٧‬] قراءة، قراءة أخرى‫:‬ ﴿وهل نُجَازِي إلا الكَفُور﴾، إذاً فلا يُسأَل عن النعيم إلا الكافر‫.‬ وقال العلماء المحققون بل الكل مسئول، أما المؤمن فسؤاله سؤال تشريف، وأما الكافر فسؤاله سؤال توبيخ وتقريع‫.‬ وسيق في هذا الشأن أحاديث‫:‬ رُوِيَ أن النبي (‪صلى الله عليه وسلم‬) خرج ذات يوم أو ليلة فلقي أبا بكر وعمر (‪رضي الله عنهما‬) فقال‫:‬ "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟" قالوا‫:‬ يا رسول الله أخرجنا الجوع، فقال (صلى الله عليه وسلم) : "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قُومَا" فقاما معه فأتى بيت رجل من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحباً وأهلاً، فقال‫:‬ "أين هو؟" قالت‫:‬ ذهب يستعذب لنا من الماء، فإذا الأنصاري قد جاء فقال‫:‬ والله ما أحد أكرم أضيافاً مني الليلة تفضلوا، وجاء بعِذْقٍ فيه تمر وبُسْر رُطَب -عنقود بلح- وقال‫:‬ كُلُوا من هذا، وأخذ المدية فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) :"إياك والحَلُوب" أي لا تذبح حَلُوباً -شاة بها لبن- فذهب فذبح شاة وقَدَّمَ لهم الطعام والشراب فأكلوا من الشاة ومن العِذْقِ وشربوا حتى شبعوا و رَوَوا، ثم قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "والذي نفسي بيده لَتُسْئَلُنَّ عن نعيم هذا اليوم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصبتم هذا النعيم". وقال العلماء هل يُسأَل الإنسان عن كل شيء؟ وما هو النعيم؟ قالوا النعيم‫:‬ الصحه والفراغ، ورُوِيَ حديث للنبي (‪صلى الله عليه وسلم‬) في هذا المعنى قال فيه‫:‬ "نعمتان مَغبُونٌ فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ". المغبون‫:‬ المضحوك عليه، المغبون‫:‬ الذي باع الشيء بأقل من ثمنه أو اشترى الشيء بأكثر من ثمنه‫.‬ إذاً فهناك نعمتان‫:‬ الصحة والفراغ غُبِنَ فيها كثير من الناس، بمعنى لم ينتفع بهما هؤلاء، لم ينتفع بالصحة فاستهلكها في العصيان ولم يستهلكها في الطاعة، ومُنِحَ الفراغ فلم يستغل هذا الفراغ في العباةه وفي ذكر الله بل شُغِلَ بأمور أخرى؛ التكاثر في الأموال والأولاد وما إلى ذلك‫.‬ غُبِنَ لأنه أُعطِيَ الصحة ولم يستفد منها، ضيعها بثمن بخس؛ بالسهر في المحرمات، بشرب المخدرات، بما هو معصية، وكذلك الفراغ ليس هناك هَمٌّ ولا غَمٌّ ولا شيء يشغله ومع ذلك أضاع وقت فراغه في اللهو واللعب ولم يستغل وقت الفراغ في القراءة والعبادة والمذاكرة وما إلى ذلك‫.‬ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس‫:‬ الصحة والفراغ‫.‬ وقال بعض الناس‫:‬ النوم من النعيم، فهناك من لا ينامون، الأرق متسلط عليهم‫.‬ وقال بعض الناس‫:‬ بل العافية والأمان‫.‬ خلاصة أقوال الناس أن الشيء المستثنى من النعيم ثلاثة، و رُوِيَ فيها حديث‫:‬ "كِسْرَة يَسُدُّ بها جَوْعَتَه، وخِرقَة يستر بها عَورَتَه، وجُحرٌ يأوي إليه من الحر والقَرِّ" وما سوى ذلك فهو من النعيم؛ الجاه، المال، ما زاد عن هذه الثلاث فهو من النعيم، حتى عدوا من النعيم الجاه وقالوا -إي وربي-يُوقِفَ اللهُ (‪تبارك وتعالى‬) الرجلَ أمامه ويسأله عن جاهه في الدنيا فإن الجاه من النعيم‫.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫أيها الأخ المسلم؛ ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ إذاً فالكل مسئول، وصَدَقَ رسول الله (‪صلى الله عليه وسلم‬) حين قال‫:‬ "لا تزول قدم ابن آدم حتى يُسأَل عن أربع‫:‬ عن عُمرِهِ فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن عِلْمِهِ فيما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه". ويروي لنا مطرف عن أبيه فيقول‫:‬ "دخلت على رسول الله (‪صلى الله عليه وسلم‬) فوجدته يقرأ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ ثم سمعتُهُ يقول‫:‬ يقول ابنُ آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أَكَلتَ فأفنيت أو لَبِستَ فأبليت أو تَصَدَّقتَ فأمضيت وما سوى ذلك فأنت ذاهب وتاركه إلى الناس". وقد رُوِيَ عنه (‪صلى الله عليه وسلم‬) أنه قال‫:‬ "لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لأحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاهَهُ إلا التراب ويتوب الله على من تاب."‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫ففي سورة التكاثر إشارات؛ منها أن الإنسان غير ماكثٍ في قبره إلا قليلاً وأنه لابد وخارج من هذا القبر يوماً مبعوث إلى الله مُسَاقٌ إليه فمسئول عما قدمت يداه لقوله‫:‬ ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ إذاً فهي زيارة‫.‬ والمقابر‫:‬ جمع مقبرة، كما أن القبور جمع قبر، مَقبَرَة ومقبرة‫.‬ والكلام في السورة يشعرك بأن هناك عذاب في القبر وسؤال في القبر، ولذا قال بعض الناس‫:‬ كنا في شك من عذاب القبر حتى نزلت السورة، ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾: أي في القبر وعذاب القبر‫.‬ وسؤال القبر من الأمور الواجب الإيمان بها والتصديق بحقيقتها، فقد أخبرنا الصادق المصدوق (‪صلى الله عليه وسلم‬) أن العبد إذا مات ودُفِنَ في قبره وسُوِّيَ عليه التراب جاءه ملكان فأجلساه ورَدَّا إليه الروح، بل ورَدَّا له العقل الذي كان له في الدنيا، ثم سألاه عن ثلاثة أمور‫:‬ من ربك السؤال الأول، والسؤال الثاني ما دينك، والسؤال الثالث ماذا كنتَ تقول عن هذا الرجل ولا يسمونه، لا يقولون محمد (صلى الله عليه وسلم) ولا يقولون رسول الله وإنما يقولون ماذا كنتَ تقول عن هذا الرجل؟ يخبرنا النبي (‪صلى الله عليه وسلم‬) أن الإنسان إن كان موقناً مؤمناً أجاب، وأجاب بلسان فصيح‫:‬ ربي الله وديني الإسلام وهو رسول الله (‪صلى الله عليه وسلم‬) جاءنا بالحق والهدى فصدقناه واتبعناه، فيعرضان عليه مقعده من النار ويقولان هذا أنقذك الله منه كان مقعداً لك في النار، ثم يريانه مقعده من الجنة ويقولان له انظر إليه حتى تُبعَث إليه، ويقال له‫:‬ نَمْ آمناً قد عَلِمَنا إن كُنتَ لَمُوقِنَاً. فسؤال القبر حق، وعذاب القبر حق، وجاء في القرآن أكثر من موضع يؤكد ذلك، منه قول الله (عز وجل‬ ) في آل فرعون‫:‬ ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [سورة غافر آية‫:‬ ٤٦‬] وفي هذه السورة تأكيد لسؤال القبر ولعذاب القبر‫.