
القرآن الكريم / سورة الزلزلة / التفسير المقروء
سورة الزلزلة
لقاؤنا مع نصف القرآن، لقاؤنا مع سورة الزلزلة، من قرأها عَدَلَت له نصف القرآن، هكذا قال سيد الأنام (عليه الصلاة والسلام).
إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴿1﴾
وَأَخْرَجَتِ ٱلْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴿2﴾
وَقَالَ ٱلْإِنسَـٰنُ مَا لَهَا ﴿3﴾
يَوْمَئِذٍۢ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴿4﴾
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ﴿5﴾
يَوْمَئِذٍۢ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتًۭا لِّيُرَوْا۟ أَعْمَـٰلَهُمْ ﴿6﴾
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًۭا يَرَهُۥ ﴿7﴾
وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍۢ شَرًّۭا يَرَهُۥ ﴿8﴾
الزلزلة: التحريك بشدة. زُلزِلَت: حُرِّكَت واضطربت بشدة. ﴿زلزالها﴾: نَسَبَ الزلزلة إليها والـمُزَلزِل هو الله، نسب الزلزلة إليها للمبالغة وكأنه يقول زُلزِلَت الزلزال الجدير بها، الزلزال الذي لا فوقه زلزال، الزلزال الذي تناهى في الشدة، تناهى في القوة. ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زَلزَاله ﴾ بالفتح، قراءة، لغتان بمعنى واحد. ﴿ زِلزَالها ﴾ مصدر، ﴿زَلزَالها﴾: اسم.
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ أهي من علامات الساعة؟ أهي في النفخة الأولى؟ قيل هي النفخة الأولى أو قبل النفخة الأولى، فهي من علامات الساعة الكبرى.
﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ أثقالها: جمع ثِقْل: أمواتها. والإنسان على ظهر الأرض حياً ثِقلٌ عليها، فإذا مات فهو ثِقلٌ لها. وقيل أثقالها: جمع ثَقَل، والثَّقَل: كل كنز نفيس مصون. هناك حديث للنبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ يصف من علامات الساعة: ﴿تُخرِجُ الأرض أفلاذ أكبادها كالأسطوان من الذهب والفضة ويمر عليه الناس ويقول القائل منهم في مثل هذا قَطَعْتُ -أي قطع رَحِمَه- ويقول الآخر في مثل هذا قُطِعَت يدي ويقول ويقول وهكذا ويُدعَون إليه فلا يأخذون منه شيئاً﴾. أخرجت الأرض كنوزها وفاضت.
﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ﴾ والإنسان هنا عموم الإنسان. إذا كانت الزلزلة من علامات الساعة أو هي قبل النفخه الأولي مباشرة كل إنسان يتعجب، مؤمن وكافر يتعجب من الأرض، يتعجب من أحوالها. هذه الزلزلة والرجة الشديدة ثم البعثرة وإخراج ما في باطنها إلى ظاهرها كل إنسان يقول مالها؟ مالها؟ أو الإنسان هنا الكافر إذا كانت الزلزلة بعد النفخه الأولى لأن المؤمن يعلم ما هي الزلزلة ولِمَ ولماذا. المؤمن يوقن بالساعة، أما الكافر فلا يوقن بها فهو مُكَذِّب لها، فإذا زُلزِلَت وخرج الموتى وخرجت الأثقال قال الكافر مالها؟ مندهشاً متعجباً لأنه مُكَذِّب للساعة، فالإنسان هنا بمعنى الكافر.
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ تُحَدِّثُ الأرضُ أخبارَها. هل تحدث أخبارها بلسان الحال؟ الحال يدل على المقال -حال الأرض- الدنيا انتهت، الجبال سُوِّيَت بالأرض، هُدَّتِ الحصون والقصور، سُوِّيَت بالأرض، كل جبل راسخ دُكَّ، وكل قَصرٍ شامخ هُدَّ، فتلك الحال تنبئ عن المراد. أو يخلق الله تبارك وتعالى فيها كلاماً فتتكلم أو تنطق، يجعل الله لها لساناً فتنطق به تكلم الناس وتجيب وتقول انتهت الدنيا وبدأت الآخرة. وقد قرأ النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ هذه الآية وقال:"أتدرون ما أخبارها؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمَة بما عمل على ظهرها فتقول عمل يوم كذا وكذا وكذا وكذا قال فهذه أخبارها".
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) ﴾ ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ ذلك من قول الله ﴿عز وجل﴾ يحكي لنا يومئذٍ عند هذه الزلزلة، عند زلزلة الأرض وعند إخراجها للأثقال وعند سؤال الإنسان أو سؤال الكافر مالها، يجيب ربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ ويقول:
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ أو هي من قول الإنسان؛ يقول الإنسان مالها يومئذٍ تُحَدِّثُ أخبارها؟ وكأنه يتساءل عن هذه الأرض لِمَ زُلزِلَت ولِمَ أخرجت أثقالها ولِمَ تُحَدِّثُ أخبارها. وقيل إن الأخبار هي الشهادة على كل عبد فتُثنِي عىي المؤمن وتشهد له وتشهد على الكافر وتَذُمُّه. وقيل أخبارها ما رُوِيَ عن النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ حيث قال: "إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجه إليها حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه الله فتقول الأرض يوم القيامة ربي هذا ما استودعتني" ﴿تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها﴾ أي بسبب أن الله ﴿تبارك وتعالى﴾ أَمَرَها أو قال لها تكلمي أو أَذِنَ لها.
﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ في ذلك اليوم. ﴿ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ ﴿ لِيَرَوا أعمالهم ﴾ قراءة، مصداقاً لقوله (عز وجل):
﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا ﴾ [سورة آل عمران آية:30] قالوا ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ في النفخة الأولى. ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ في النفخة الثانية. ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ الصُّدُور: الانصراف. الوُرُود: المجيء. ﴿ أَشْتَاتًا ﴾ جمع شَتّ أو جمع شتيت: فِرَق. ﴿ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ﴾ فِرَقَاً فِرَقَاً إما حين خروجهم من القبور فهم فِرَق، زُمَر، جماعات، آمِنٌ وفَزِع، شقي وسعيد. أو يَصدُرُ الناس بعد الحساب آخِذٌ جهة اليمين إلى الجنة أو آخِذٌ جهة الشمال إلى النار. فإما الصُّدُور أي البعث والخروج من الأرض فِرَق وجماعات، وإما الصُّدُور بعد الحساب فريق إلى الجنة وفريق إلى السعير. ولكن الكلمة تلفت النظر وتدعوا إلى التأمل. في القرآن كلمة ﴿الوُرُود﴾ وكلمة ﴿الصُّدُور﴾ حين استُخدِمَتَا في القرآن دَلَّتَا على معاني. دَلَّت كلمة ﴿الوُرُود﴾ على الذهاب إلى البئر، إلى مكان الماء للاستسقاء وللملء. و﴿الصُّدُور﴾: الانصراف عن الماء بعد الملء وبعد الري لقول الله (تبارك وتعالى): ﴿ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ﴾ [سورة يوسف آية: 19] الوارد: الذاهب إلى الماء ليجيء بالماء، ومن قول الله (عز وجل): ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ﴾ [سورة القصص آية: 23] . عن موسى، أي ذهب إلى الماء ليستسقي وليشرب حين سأل المرأتين قالتا: ﴿ لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ﴾ [سورة القصص آية: 23] . أي ينتهي الرعاء من السقي والملء. من هنا تدعو الكلمة للتأمل. ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ يَصدُرُ: يُبعَث، يَصدُرُ: يعود، يَصدُرُ: يَخرُج. كلمات، لكن اختيار الكلمة يشعرك بأنك كنتَ في مكان ذهبتَ إليه فارغاً، بدلوٍ فارغ، ذهبتَ تملأ فملأتَ ثم صَدَرْتَ. ما هو المكان الذي ذهبنا إليه؟ وما هو الدلو الذي ذهبنا به؟ وما هو الماء الذي أخذنا منه؟ لو تأملتَ لوجدتَ نفسك خرجتَ إلى الدنيا فارغاً من كل شيء، والدنيا فيها كل شيء، جئتَها وما معك منها شيء، فملأتَ من الدنيا صحائفَك، أعمالَك وأقوالَك ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق آية: 18] . فكأنك دخلتَ الدنيا ومعك صحيفتك فارغة بيضاء من غير سوء فَمُلِئت. حين يُبعَث العبد والإنسان من قبره يرى وتُفتَح له الصحائف وكأنه يرى الدلو ماذا أخذ فيه، أَدلَيْتَ دلوَك في البئر ثم نَزَعْتَ الدلو فنظرتَ هل الماء آسِنٌ مُتَكَدِّر متغير نَتِن أم أن الماء صافيًا زُلالاً طيباً طاهراً.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ﴾ متنوعين؛ آمِنٌ وفزِع وخائف، شقي أم سعيد. ﴿ لِيُرَوا أعمالهم ﴾ يُرَوا ما جمعوه من الدنيا، هل جمعتَ المال؟ هل سعيتَ وراء الجاه؟ حينئذٍ يقول من فعل ذلك: ﴿ مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ(28)هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) ﴾ [سورة الحاقة آية: 28- 29].أما إذا مَلأتَ صحائفَك بالمال الطيب الزلال غير المتغير؛ الأعمال الصالحة والأقوال الطيبة السديدة فها أنت تسعد وتفخر وتقول:
﴿ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [سورة الحاقة آية: 19] .نعم يومئذٍ يَصدُرُ الناس أشتاتاً لِيُرَوا أو لِيَرَوا قراءتان. ﴿ لِيُرَوا ﴾ أي ليريهم الله. (لِيُرَوا ) : يروا بأنفسهم ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف آية: 49] . ما من أحدٍ يوم القيامة إلا ويندم -إي وربي- هكذا أخبرنا الصادق المصدوق ﴿صلى الله عليه وسلم﴾، فإن كان محسناً قال لِمَ ما ازددتُ إحساناً، وإن كان غير ذلك قال لِمَ لا نَزَعتُ عن المعاصي، ما من أحد يوم القيامه إلا ويندم.
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ﴾ مثقال: وزن. الذَّرَّة: أصغر نملة في الوجود؛ النملة الحمراء يقال لها ذَرَّة. الذَّرَّة: الهباءة التي نراها في شعاع الشمس، تجد في هذا الشعاع هباءات، هذه الهباءات تسمى ذَرَّات. وقال بعضهم إذا وضعتَ يدك على الأرض فَلَصَقَت بالتراب ثم نَزَعتَها فنظرتَ فيها فكل ما عَلَقَ بها ذَرَّات. الذَّرَّة أصغر شيء في الوجود. ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ ﴿ يُرَه ﴾ قراءة، ﴿يُرَه﴾: أي يريه الله إياه، أو "يَرَه": بنفسه. .﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ مثال للقلة، وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [سورة النساء آية: 40] . هل في الأعمال مثاقيل الذر؟ هل في الأقوال مثاقيل الذر؟ إن العبد ليستهون بالذنب وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ وإن العبد كذلك ليستهون بالخير، بالصدقة أو الكلمة الطيبة أو أن تَهُشَّ في وجه أخيك أو أن تُمِيطَ الأذى عن الطريق. تستهون بالأعمال الطيبة وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ مثاقيل الذر، احترسوا من مثاقيل الذر! فربما ذرة خير تجعل ميزانك يرجح وربما ذرة شر تقذف بصاحبها إلى النار. ألم تدخل امرأة في هِرَّة النار حَبَسَتْهَا؟ وألم تدخل تمرأه الجةه في كلب سَقَتْهُ؟ تلك سَقَت كلب وكانت من المومسات فغفر الله لها ودخلت الجنة، وهذه حَبَسَت هِرَّة وكانت من الطائعات ودخلت النار، مثاقيل الذر! هذه الآية يسميها نبينا ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ ﴿الآية الجامعة الفَاذَّة﴾ حين سُئِلَ عن الحُمُر، تكلم نبينا ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ عن الخيل وما فيها من أجر وما فيها من رباط في سبيل الله وما فيها من خير فَسُئِلَ عن الحُمُر فقال: "ما أُوحِيَ إلَيَّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ﴾ كيف يراه؟ وهل الآيات مقسمة؟ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ تخص السعداء تبشرهم ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ تخص الأشقياء لا يفلتون بعمل أو فعل أو قول؟ قد. وقد تكون الرؤية في الحال قبل المآل، فمن يعمل مثقال ذرة من خير من الكفار يراه في الدنيا، في مال في ولد في صحة في طول عمر في سعادة في تحقيق أمل ويذهب في يوم القيامة فلا يجد له عند الله خيراً، يُوَفَّون أجورهم في الدنيا ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴾ [سورة الإسراء آية: 18] . ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [سورة النساء آية: 134] . من أراد الحياة الدنيا وَفَّى الله له أعماله فيها ثم يوم القيامة لا يجد شيئاً. ومن يعمل مثقال ذرة شراً -من المؤمنين- يَرَهُ في الدنيا؛ يصاب في نفسه بالمرض، يصاب في ماله بالخسارة، يصاب في ولده، يصاب بالمصائب في الدنيا حتى الشوكة يُشَاكُها فَيُكَفِّرُ الله ﴿تبارك وتعالى﴾ بكل ذلك عنه مثاقيل الذر من المعاصي، ويأتي اللهَ ﴿تبارك وتعالى﴾ يوم القيامه ولا شر عنده بل كل خير، لقول الله (عز وجل):
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ [سورة الشورى آية: 30] فيأتي العبد المؤمن في الدنيا بمثاقيل الذر من شر فيجازيه الله عليها في الدنيا بالمرض، بالبلاء، بما إلى ذلك ويأتي يوم القيامة وصحائفه بيضاء ناصعة كلها خير. وقيل الآيات عامة، وذاك اتفاق العلماء والرأي الأرجح، من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ولو كان كافراً فيخفف الله تبارك وتعالى عنه العذاب يوم القيامة بِقَدْرِ ما عمل في الدنيا من خير، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره وإن كان مؤمناً يأتي يوم القيامة فينقص من ثوابه بما عمل من شر في حياته. فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره .
أيها الأخ المسلم؛ هذه الآية الجامعة الفاذة كما سماها النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ تجعلك حريصاً حذراً في كل قول وفي كل فعل.
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ أهي من علامات الساعة؟ أهي في النفخة الأولى؟ قيل هي النفخة الأولى أو قبل النفخة الأولى، فهي من علامات الساعة الكبرى.
﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ أثقالها: جمع ثِقْل: أمواتها. والإنسان على ظهر الأرض حياً ثِقلٌ عليها، فإذا مات فهو ثِقلٌ لها. وقيل أثقالها: جمع ثَقَل، والثَّقَل: كل كنز نفيس مصون. هناك حديث للنبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ يصف من علامات الساعة: ﴿تُخرِجُ الأرض أفلاذ أكبادها كالأسطوان من الذهب والفضة ويمر عليه الناس ويقول القائل منهم في مثل هذا قَطَعْتُ -أي قطع رَحِمَه- ويقول الآخر في مثل هذا قُطِعَت يدي ويقول ويقول وهكذا ويُدعَون إليه فلا يأخذون منه شيئاً﴾. أخرجت الأرض كنوزها وفاضت.
﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ﴾ والإنسان هنا عموم الإنسان. إذا كانت الزلزلة من علامات الساعة أو هي قبل النفخه الأولي مباشرة كل إنسان يتعجب، مؤمن وكافر يتعجب من الأرض، يتعجب من أحوالها. هذه الزلزلة والرجة الشديدة ثم البعثرة وإخراج ما في باطنها إلى ظاهرها كل إنسان يقول مالها؟ مالها؟ أو الإنسان هنا الكافر إذا كانت الزلزلة بعد النفخه الأولى لأن المؤمن يعلم ما هي الزلزلة ولِمَ ولماذا. المؤمن يوقن بالساعة، أما الكافر فلا يوقن بها فهو مُكَذِّب لها، فإذا زُلزِلَت وخرج الموتى وخرجت الأثقال قال الكافر مالها؟ مندهشاً متعجباً لأنه مُكَذِّب للساعة، فالإنسان هنا بمعنى الكافر.
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ تُحَدِّثُ الأرضُ أخبارَها. هل تحدث أخبارها بلسان الحال؟ الحال يدل على المقال -حال الأرض- الدنيا انتهت، الجبال سُوِّيَت بالأرض، هُدَّتِ الحصون والقصور، سُوِّيَت بالأرض، كل جبل راسخ دُكَّ، وكل قَصرٍ شامخ هُدَّ، فتلك الحال تنبئ عن المراد. أو يخلق الله تبارك وتعالى فيها كلاماً فتتكلم أو تنطق، يجعل الله لها لساناً فتنطق به تكلم الناس وتجيب وتقول انتهت الدنيا وبدأت الآخرة. وقد قرأ النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ هذه الآية وقال:"أتدرون ما أخبارها؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمَة بما عمل على ظهرها فتقول عمل يوم كذا وكذا وكذا وكذا قال فهذه أخبارها".
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) ﴾ ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ ذلك من قول الله ﴿عز وجل﴾ يحكي لنا يومئذٍ عند هذه الزلزلة، عند زلزلة الأرض وعند إخراجها للأثقال وعند سؤال الإنسان أو سؤال الكافر مالها، يجيب ربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ ويقول:
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ أو هي من قول الإنسان؛ يقول الإنسان مالها يومئذٍ تُحَدِّثُ أخبارها؟ وكأنه يتساءل عن هذه الأرض لِمَ زُلزِلَت ولِمَ أخرجت أثقالها ولِمَ تُحَدِّثُ أخبارها. وقيل إن الأخبار هي الشهادة على كل عبد فتُثنِي عىي المؤمن وتشهد له وتشهد على الكافر وتَذُمُّه. وقيل أخبارها ما رُوِيَ عن النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ حيث قال: "إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجه إليها حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه الله فتقول الأرض يوم القيامة ربي هذا ما استودعتني" ﴿تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها﴾ أي بسبب أن الله ﴿تبارك وتعالى﴾ أَمَرَها أو قال لها تكلمي أو أَذِنَ لها.
﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ في ذلك اليوم. ﴿ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ ﴿ لِيَرَوا أعمالهم ﴾ قراءة، مصداقاً لقوله (عز وجل):
﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا ﴾ [سورة آل عمران آية:30] قالوا ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ في النفخة الأولى. ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ في النفخة الثانية. ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ الصُّدُور: الانصراف. الوُرُود: المجيء. ﴿ أَشْتَاتًا ﴾ جمع شَتّ أو جمع شتيت: فِرَق. ﴿ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ﴾ فِرَقَاً فِرَقَاً إما حين خروجهم من القبور فهم فِرَق، زُمَر، جماعات، آمِنٌ وفَزِع، شقي وسعيد. أو يَصدُرُ الناس بعد الحساب آخِذٌ جهة اليمين إلى الجنة أو آخِذٌ جهة الشمال إلى النار. فإما الصُّدُور أي البعث والخروج من الأرض فِرَق وجماعات، وإما الصُّدُور بعد الحساب فريق إلى الجنة وفريق إلى السعير. ولكن الكلمة تلفت النظر وتدعوا إلى التأمل. في القرآن كلمة ﴿الوُرُود﴾ وكلمة ﴿الصُّدُور﴾ حين استُخدِمَتَا في القرآن دَلَّتَا على معاني. دَلَّت كلمة ﴿الوُرُود﴾ على الذهاب إلى البئر، إلى مكان الماء للاستسقاء وللملء. و﴿الصُّدُور﴾: الانصراف عن الماء بعد الملء وبعد الري لقول الله (تبارك وتعالى): ﴿ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ﴾ [سورة يوسف آية: 19] الوارد: الذاهب إلى الماء ليجيء بالماء، ومن قول الله (عز وجل): ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ﴾ [سورة القصص آية: 23] . عن موسى، أي ذهب إلى الماء ليستسقي وليشرب حين سأل المرأتين قالتا: ﴿ لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ﴾ [سورة القصص آية: 23] . أي ينتهي الرعاء من السقي والملء. من هنا تدعو الكلمة للتأمل. ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ يَصدُرُ: يُبعَث، يَصدُرُ: يعود، يَصدُرُ: يَخرُج. كلمات، لكن اختيار الكلمة يشعرك بأنك كنتَ في مكان ذهبتَ إليه فارغاً، بدلوٍ فارغ، ذهبتَ تملأ فملأتَ ثم صَدَرْتَ. ما هو المكان الذي ذهبنا إليه؟ وما هو الدلو الذي ذهبنا به؟ وما هو الماء الذي أخذنا منه؟ لو تأملتَ لوجدتَ نفسك خرجتَ إلى الدنيا فارغاً من كل شيء، والدنيا فيها كل شيء، جئتَها وما معك منها شيء، فملأتَ من الدنيا صحائفَك، أعمالَك وأقوالَك ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق آية: 18] . فكأنك دخلتَ الدنيا ومعك صحيفتك فارغة بيضاء من غير سوء فَمُلِئت. حين يُبعَث العبد والإنسان من قبره يرى وتُفتَح له الصحائف وكأنه يرى الدلو ماذا أخذ فيه، أَدلَيْتَ دلوَك في البئر ثم نَزَعْتَ الدلو فنظرتَ هل الماء آسِنٌ مُتَكَدِّر متغير نَتِن أم أن الماء صافيًا زُلالاً طيباً طاهراً.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ﴾ متنوعين؛ آمِنٌ وفزِع وخائف، شقي أم سعيد. ﴿ لِيُرَوا أعمالهم ﴾ يُرَوا ما جمعوه من الدنيا، هل جمعتَ المال؟ هل سعيتَ وراء الجاه؟ حينئذٍ يقول من فعل ذلك: ﴿ مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ(28)هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) ﴾ [سورة الحاقة آية: 28- 29].أما إذا مَلأتَ صحائفَك بالمال الطيب الزلال غير المتغير؛ الأعمال الصالحة والأقوال الطيبة السديدة فها أنت تسعد وتفخر وتقول:
﴿ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [سورة الحاقة آية: 19] .نعم يومئذٍ يَصدُرُ الناس أشتاتاً لِيُرَوا أو لِيَرَوا قراءتان. ﴿ لِيُرَوا ﴾ أي ليريهم الله. (لِيُرَوا ) : يروا بأنفسهم ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف آية: 49] . ما من أحدٍ يوم القيامة إلا ويندم -إي وربي- هكذا أخبرنا الصادق المصدوق ﴿صلى الله عليه وسلم﴾، فإن كان محسناً قال لِمَ ما ازددتُ إحساناً، وإن كان غير ذلك قال لِمَ لا نَزَعتُ عن المعاصي، ما من أحد يوم القيامه إلا ويندم.
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ﴾ مثقال: وزن. الذَّرَّة: أصغر نملة في الوجود؛ النملة الحمراء يقال لها ذَرَّة. الذَّرَّة: الهباءة التي نراها في شعاع الشمس، تجد في هذا الشعاع هباءات، هذه الهباءات تسمى ذَرَّات. وقال بعضهم إذا وضعتَ يدك على الأرض فَلَصَقَت بالتراب ثم نَزَعتَها فنظرتَ فيها فكل ما عَلَقَ بها ذَرَّات. الذَّرَّة أصغر شيء في الوجود. ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ ﴿ يُرَه ﴾ قراءة، ﴿يُرَه﴾: أي يريه الله إياه، أو "يَرَه": بنفسه. .﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ مثال للقلة، وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [سورة النساء آية: 40] . هل في الأعمال مثاقيل الذر؟ هل في الأقوال مثاقيل الذر؟ إن العبد ليستهون بالذنب وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ وإن العبد كذلك ليستهون بالخير، بالصدقة أو الكلمة الطيبة أو أن تَهُشَّ في وجه أخيك أو أن تُمِيطَ الأذى عن الطريق. تستهون بالأعمال الطيبة وربنا ﴿تبارك وتعالى﴾ يقول: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ مثاقيل الذر، احترسوا من مثاقيل الذر! فربما ذرة خير تجعل ميزانك يرجح وربما ذرة شر تقذف بصاحبها إلى النار. ألم تدخل امرأة في هِرَّة النار حَبَسَتْهَا؟ وألم تدخل تمرأه الجةه في كلب سَقَتْهُ؟ تلك سَقَت كلب وكانت من المومسات فغفر الله لها ودخلت الجنة، وهذه حَبَسَت هِرَّة وكانت من الطائعات ودخلت النار، مثاقيل الذر! هذه الآية يسميها نبينا ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ ﴿الآية الجامعة الفَاذَّة﴾ حين سُئِلَ عن الحُمُر، تكلم نبينا ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ عن الخيل وما فيها من أجر وما فيها من رباط في سبيل الله وما فيها من خير فَسُئِلَ عن الحُمُر فقال: "ما أُوحِيَ إلَيَّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ﴾ كيف يراه؟ وهل الآيات مقسمة؟ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ تخص السعداء تبشرهم ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ تخص الأشقياء لا يفلتون بعمل أو فعل أو قول؟ قد. وقد تكون الرؤية في الحال قبل المآل، فمن يعمل مثقال ذرة من خير من الكفار يراه في الدنيا، في مال في ولد في صحة في طول عمر في سعادة في تحقيق أمل ويذهب في يوم القيامة فلا يجد له عند الله خيراً، يُوَفَّون أجورهم في الدنيا ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴾ [سورة الإسراء آية: 18] . ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [سورة النساء آية: 134] . من أراد الحياة الدنيا وَفَّى الله له أعماله فيها ثم يوم القيامة لا يجد شيئاً. ومن يعمل مثقال ذرة شراً -من المؤمنين- يَرَهُ في الدنيا؛ يصاب في نفسه بالمرض، يصاب في ماله بالخسارة، يصاب في ولده، يصاب بالمصائب في الدنيا حتى الشوكة يُشَاكُها فَيُكَفِّرُ الله ﴿تبارك وتعالى﴾ بكل ذلك عنه مثاقيل الذر من المعاصي، ويأتي اللهَ ﴿تبارك وتعالى﴾ يوم القيامه ولا شر عنده بل كل خير، لقول الله (عز وجل):
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ [سورة الشورى آية: 30] فيأتي العبد المؤمن في الدنيا بمثاقيل الذر من شر فيجازيه الله عليها في الدنيا بالمرض، بالبلاء، بما إلى ذلك ويأتي يوم القيامة وصحائفه بيضاء ناصعة كلها خير. وقيل الآيات عامة، وذاك اتفاق العلماء والرأي الأرجح، من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ولو كان كافراً فيخفف الله تبارك وتعالى عنه العذاب يوم القيامة بِقَدْرِ ما عمل في الدنيا من خير، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره وإن كان مؤمناً يأتي يوم القيامة فينقص من ثوابه بما عمل من شر في حياته. فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره .
أيها الأخ المسلم؛ هذه الآية الجامعة الفاذة كما سماها النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ تجعلك حريصاً حذراً في كل قول وفي كل فعل.