سورة الطارق

لقاؤنا مع سورة الطارق‫.‬ وسورة الطارق سورة مكية، وشأنها شأن السور المكية تُذَكِّر وتُنذِر وتُقَرِّر قدرة الله(‪تبارك وتعالى‬) على البعث‫.‬ أقسم الله(‪تبارك وتعالى‬) في أولها بقَسَمَين‫:‬‬‬‬‬‬‬‬

وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ ﴿1﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلطَّارِقُ ﴿2﴾ ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ ﴿3﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍۢ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌۭ ﴿4﴾
‫﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ أقسم الله(‪تبارك وتعالى‬) بالسماء؛ السقف المحفوظ، سبع سماوات ماترى في خلق الرحمن من تفاوت أو فطور‫.‬ أقسم بالسماء وما فيها نراه ونشاهده كالنجوم والكواكب ومما لا نراه ولانشاهده كالملائكة ﴿وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ﴾ [سورة فصلت آية‫:‬ ١٢]﴿وَالطَّارِقِ﴾ قَسَمٌ آخر‫.‬ والطارق أصلاً من الطَّرْق، والطَّرْق هو الدَّقُّ أو الخَبْط‫.‬ ويُطلَق الطَّارِق على من يأتيك ليلاً لأنه يجد الأبواب مغلقة فيَطْرُقَها، وكل آتٍ بِلَيل يسمى طَارِق لأنه يَطرُقُ الأبواب، ومنه قول النبي (صلى الله عليه وسلم) "لا يطرق أحدهم أهله ليلاً" ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم‫:‬ "نعوذ بالله (تبارك وتعالى) من طوارق الليل والنهار". قد يُطلَق الطَّارِق أيضاً على الطارق بالنهار‫.‬ والطارق هنا‫:‬ النجم، لأن الله (تبارك وتعالى) عَرَّفَه بقوله‫:‬ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ(٢)النَّجْمُ الثَّاقِبُ(٣)﴾ وسمي النجم طارقاً لأنه يظهر بالليل كأنه يطرق السماء ليلاً، فإذا ظهر ليلاً فكأنه قد طَرَق‫.‬ والطَّارِق قال فيه العلماء هو عام في كل نجم يظهر بالليل‫.‬ وقال بعضهم بل هو مخصوص بنجم معين فهو الثريا أو الجدي أو ما يُطلَق عليه نجم الصباح‫.‬ والتعميم أرجح والله أعلم بمراده‫.‬ ثم يسأل ربنا(‪تبارك وتعالى‬) سؤال تفخيم وتعظيم، القصد منه التفخيم والتعظيم لهذا المــُقسَم به ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ أي وما أعلمك بشأن الطارق؟ أو ما هو الطارق؟ وكل ما في القرآن "ما أدراك" فقد أدراه، وكل مافي القرآن "وما يدريك" فلم يعلمه (صلى الله عليه وسلم) ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ السؤال يوحي بتعظيم هذا الطارق‫.‬ ثم يُعَرِّفُه ربنا(‪تبارك وتعالى‬) ويقول‫:‬ ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ الثَّاقِب‫:‬ المضيء، الثاقب‫:‬ المتوَهِّج وكأنه يثقب الظلام بضوئه‫.‬ والثُّقُوب‫:‬ العيدان الصغيرة التي تُشعَل بها النار، ثَقَبَ يَثقُبُ: أَشعَلَ أو أضاء‫.‬ النجم الثاقب‫:‬ المضيء، هذا النجم الذي يثقب الظلام بضوئه‫.‬ جواب القَسَم، بعد أن أقسم الله يبين لنا جواب القسم، أقسم على ماذا؟ ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ أي كل نفس إلا عليها حافظ‫.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وكل نفس تشمل كل مخلوق له حياة، وربنا (تبارك وتعالى) يقول‫:‬ ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾ [سورة الأنعام آية‫:‬ ٦١]ويقول‫:‬ ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [سورة الرعد آية‫:‬ ١١]فما من نفسٍ إلا عليها حافظ‫.‬ وقُرِئت بالتخفيف ﴿لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ ال"ما" هنا مزيدة للتأكيد‫:‬ كل نفس عليها حافظ يحفظها أو يراقبها ويحصي عليها أعمالها ولذا عُدِّيَ الفعل بـــــــــ"على" )عليها) لم يقل "لها حافظ" بل قال "عليها حافظ" ليُشعِر المعنى‫:‬ الرقابة والإحصاء وما إلى ذلك‫.‬ قالوا‫:‬ الحافظ هو الله ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [سورة يوسف آية‫:‬ ٦٤]وقالوا الحافظ‫:‬ الحَفَظَة، الكَتَبَة، الملائكة‫.‬ وقالوا الحافظ‫:‬ هو ما أرسله الله(‪تبارك وتعالى‬) من ملائكة يحفظون الإنسان من الآفات، يحفظونه من الشياطين، يحفظونه من قَدَرِ الله وقضائه، يحفظونه من كل ما يضره أو يصيبه بالأذى والتلف‫.‬ وأرجح الأقوال في شأن الحافظ‫:‬ هو من يُحصِي عليك عملك ويكتب عليك قولك ولفظك وحركاتك وسكناتك‫.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫تلك كانت مقدمة السورة‫:‬ قَسَمٌ على أن الإنسان مُراقَب محسوب عليه عمله، محسوب عليه كلامه‫.‬ نتيجة ذلك توجيه ونصح وإرشاد من الله (تبارك وتعالى):
فَلْيَنظُرِ ٱلْإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ ﴿5﴾ خُلِقَ مِن مَّآءٍۢ دَافِقٍۢ ﴿6﴾ يَخْرُجُ مِنۢ بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ ﴿7﴾ إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجْعِهِۦ لَقَادِرٌۭ ﴿8﴾ يَوْمَ تُبْلَى ٱلسَّرَآئِرُ ﴿9﴾ فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٍۢ وَلَا نَاصِرٍۢ ﴿10﴾
‫﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ لأن الإنسان إذا نظر مادة الخَلْق وكيف نشأ ومن أين أتى عَلِمَ أن له مبدأ وله ميعاد‫.‬ وحين يُقَرِّر ربنا )تبارك وتعالى) أن كل إنسان عليه رقيب حفيظ، يجتهد في أن يُملي على الحفيظ ما يَسُرُّه يوم القيامة فيتنبه لأفعاله وأقواله‫.‬ ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ سؤال توجيه، نُصح بالتأمل والتدبر‫.‬ ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ جواب السؤال، ولابد أن يجيب الخالق (سبحانه وتعالى) لأنه هو الأعلم كيف خُلِقَ الإنسان، خُلِقَ من ماء دافق‫:‬ أي ماء مدفوق، والدَّفْق‫:‬ الصَّبُّ فيه دفع، دَفَقَ يَدفُقُ دَفْقَاًّ ودَفِقَ يَدفِقُ دِفْقَاً. دَفَقَ الماء، دَفَقَ الشيء، فإذا دَفَقتَ الشيء‫:‬ صَبَبْتَهُ بشدة وبِدَفع‫.‬ وهكذا الماء؛ خُلِقَ منه الإنسان‫.‬ ماء دافق‫:‬ أي مدفوق‫.‬ أَيُّ ضَعف؟ وأَيُّ قِلَّة؟ وأَيُّ حقارة؟ ذاك هو الإنسان! ويزيدنا ربنا(‪تبارك وتعالى‬) تعريفاً فيقول‫:‬(‪يَخرُجُ من بين الصُّلبِ والتَّرَائِب‬) الصُّلب‫:‬ عظام الظهر‫.‬ وقُرِئت الصُّلْب، الصُّلُب، الصَّلَب، ثلاث قراءات وكلها بمعنى واحد‫.‬ يَخرُجُ من بين الصُّلب‫:‬ عظام الظهر، والتَّرائِب‫:‬ عظام الصدر، والترائب جمع تَرِيبَة‫.‬ والتَّرِيبَة‫:‬ العظم الموجود بين الثديين، موضع القلادة من الصدر تلك هي الترائب‫.‬ قال العلماء‫:‬ يخرج الماء من بين الصلب والترائب أي من بين صُلبِ الرجل وترائب المرأة ووَحَّدَ كلمة(‪الماء‬) لأن ماء الرجل يختلط بماء المرأة فيصبح ماءً واحداً. (خُلِقَ من ماء‬) أي ماءين؛ من ماءٍ دافقٍ إذ الماء من الرجل مدفوق وكذلك ماء المرأة مدفوق، يُدفَق هذا ويُدفَق هذا في الرحم فيمتزجان فيصبحان ماءً واحداً. وقالوا ما في الإنسان من عَظْمٍ وعَصَب من ماء الرجل، وما في الإنسان من لحم ودم من ماء المرأة‫.‬ وقال بعض العلماء‫:‬ بل الماء ماء واحد هو الرجل يخرج من بين الصلب والترائب وذاك رأي مرجوح‫.‬ ولكن قال آخرون‫:‬ يَخرُجُ من بين الصُّلب والترائب للرجل ويخرج من بين الصُّلب والترائب للمرأة، لذا قال "من بين" فقالوا ماء الرجل يتكون من صلبه وترائبه وماء المرأة يتكون من صلبها وترائبها فالماء للرجل والماء من المرأة يخرج هذا ويخرج ذاك من بين الصلب والترائب، الترائب‫:‬ اليدان والرجلان والعينان، الأطراف، وكأن الماء يتكون من جميع البدن ومن جميع أجزاء الجسم، لذا يُشبِه الطفل والديه‫.‬ والله (تبارك وتعالى) أعلم إذ هو الذي خلق الماء وهو الذي كَوَّنَه وهو الذي سَوَّاه‫.‬ ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ طالما كان ذاك هو المبدأ ؛ من ماءٍ مدفوق يتكون من صلب الرجل وترائب المرأة، أو من الصلب والترائب لكل منهما، ويمتزج الماء؛ ماء الرجل بماء المرأة، ثم يخرج هذا الإنسان السَّوِيُّ العاقل المدرِك المميِّز، ربنا على رَجْعِ هذا الماء إلى مكانه قادر، على رَجْعِ الإنسان إلى الحياة قادر، على رَجعِهِ إلى الدنيا قادر، على رَجْعِهِ يوم القيامة قادر، والإعادة أسهل من الابتداء‫.‬ ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ على رَجْعِ الإنسان لقادر (سبحانه وتعالى) من هنا يتبين لك أن القَسَم الذي أقسمه الله (تبارك وتعالى) في أول السورة، هذا القَسَم على أن لكل إنسان حافظ مُراقِب يعد عليه ويحصي عليه أعماله وأقواله فاتَّعِظ أيها الإنسان واعلَم أن الله الذي أنشأك يعيدك لا محالة سائلك عن أفعالك لا محالة‫.‬ تلك كانت الوصية؛ يُحَذِّرُ ربنا(‪تبارك وتعالى‬) الإنسان، إذ الإنسان مهما علم بالمنشأ وتيقن بالميعاد قد يظن بعض الناس أن ما ظهر من الأفعال مكتوب معروف وما كان في الصدور غير معلوم‫.‬ يبين ربنا(‪تبارك وتعالى‬) أن الأقوال والأعمال لها دوافع، ودوافع القول ودوافع العمل هو النية‫.‬ والصلاة والزكاة والأعمال تنبع من العقائد والعقائد محلها القلب والنيات محلها الصدور فيقول ربنا (تبارك وتعالى) ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ(٩)فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ )١٠)﴾ يوم تُبلَى‫:‬ تُعرَف، يُخرَج الخبيء‫.‬ والابتلاء في الأصل‫:‬ الامتحان والاختبار الذي يُكشَف به‫.‬ إذاً تُبلَى‫:‬ أي تُعرَف ويظهر ماهو في مكنون الصدور وما انطوت عليه القلوب من عقائد ونيات، يُفَاجَأ الإنسان بأن ما كان في قلبه من عقيدة ومن إيمان أو من كفر وعصيان وما كان في صدره من نية طيبة أو نية خبيثة كل ذلك يظهر، يظهر زيناً في الوجوه أو شيناً في الوجوه فتَبْيَضُّ وجوه وتَسْوَدُّ وجوه‫.‬ ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ جمع سَرِيرَة‫:‬ مكنون الصدر، تُختَبَر، تخرج للعيان‫.‬(‪فما له‬) أي فما للإنسان في ذلك اليوم من قوة ولا ناصر‫.‬ الإنسان في الدنيا يمتنع من الضر بأمرٍ من اثنين‫:‬ بقوته؛ قوة بدنه، قوه جاهه، قوة ماله، أو يمتنع بمــُـعِين، حَلِيف، ناصر ينصره‫.‬ فيأتي الإنسان يوم القيامة فيُعدَم ذلك، فلا يجد لنفسه قوة تمنعه ولا يجد ناصراً ينصره‫.‬ الله(‪تبارك وتعالى‬) يحاسب الناس، هو الحَكَمُ العدل له الملك يومئذ‫.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫ويأتي القَسَم على القرآن‫:‬‬‬‬
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴿11﴾ وَٱلْأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴿12﴾ إِنَّهُۥ لَقَوْلٌۭ فَصْلٌۭ ﴿13﴾ وَمَا هُوَ بِٱلْهَزْلِ ﴿14﴾
‫﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ الرَّجْع‫:‬ الرجوع‫.‬ ما الذي يرجع من السماء؟ المطر يرجع إلينا كل عام، فسُمِّيَت السماء ذات الرَّجْع لأن المطر يرجع، يأتي ثم يذهب ثم يأتي بعد ذلك مرات وهكذا‫.‬ وقيل‫:‬ سُمِّيَ المطرُ رَجْعَاً لأن ماء البحر وماء الأنهار يتبخر ويصعد إلى السماء فيتكون سحاباً فتُرجِعُه السماء إلى الأرض مطراً وماءً. ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾: النبات‫.‬ الصَّدْع‫:‬ الشَّقُّ، لأن النبات يَشُقُّ الأرض ويخرج فيَصْدَعَها أي يَشُقَّها، فسُمِّيَ النبات صَدْعَاً لأنه يَصدَع ويَشُقُّ الأرض ويَخرُج‫.‬ والسماء ذات المطر والأرض ذات النبات‫.‬ والتناسب في الكلام، فلينظر الإنسان مِمَّ خُلِق، خُلِقَ من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، أب وأم‫.‬ وكذلك الدنيا؛ الأب السماء والأم هي الأرض، فينزل الماء من السماء وينبت النبات من الأرض، فمن الاثنين؛ من السماء والأرض، يخرج النبات وتخرج الأرزاق‫.‬ وجواب القَسَم عن القرآن‫:‬ ﴿إِنَّهُ﴾: أي القرآن‫.‬ ﴿لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾: فاصل بين الحق والباطل، فاصل بين الهُدى والضلال‫.‬ وكما قال نبينا )صلى الله عليه وسلم( هو القول الفصل وما هو بالهزل فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحُكمُ ما بينكم ما عارضه من جبار إلا وقصمه الله -أي دَمَّرَه- ومن ابتغى الهُدى في غيره أضله الله."‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ(١٣)وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ(١٤)﴾ تأكيد لجِدِّ القرآن، والهَزْل عكس الجِدِّ. ما فيه من باطل وما فيه من لَعِب وما فيه من لهو، كل ما فيه جِدٌّ، كل ما فيه حق، هو القول الفصل وما هو بالهزل‫.‬ ويتوجه التهديد والوعيد لأهل مكة الذين حاربوا النبي(‪ص‬) وكادوا له‫:‬‬‬‬‬‬
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًۭا ﴿15﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًۭا ﴿16﴾ فَمَهِّلِ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًۢا ﴿17﴾
الكَيد‫:‬ التدبير بحيلة‫.‬(‪إنهم‬): كفار مكة‫.‬ ﴿يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾: يكيدون لك يا محمد ليُخرِجوك أو يُثبِتُوك أو يقتلوك، يكيدون للمؤمنين، ها هم يُدَبِّرُون ويحتالون في الطعن فيك وفي القرآن‫.‬ ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ وكَيدُ الله تبارك وتعالى ممدوح، وكَيدُ الناس مذموم‫.‬ هم يكيدون كيداً، وأَكِيدُ كيداً، وكَيدُ الله(‪تبارك وتعالى‬) أن يستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويُملِي لهم فَكَيدُه متين‫.‬ ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ مَهِّلْهُم‫:‬ انتَظِرهُم، مَهَّلَهُ وأَمْهَلَهُ: أَنْظَرَهُ. مَهِّلْهُم‫:‬ أي انتظر بهم ولا تستعجل لهم العذاب، مَهِّلْهُم وأَمْهِلْهُم، والتكرار للتأكيد‫.‬ أَمْهِلْهُم وأنظِرْهُم لِقَدَرِ الله فيهم وما يصنعه وسوف يريك ما يصنعه بهم‫.‬ ﴿أَمْهِلْهُم رُوَيداً﴾: قليلاً أو يسيراً أو وقتاً يسيراً. أو مَهِّلْهُم إمهالاً قليلاً. والرُّوَيد‫:‬ المــَهْل، يمشي الرجل على رُود أي على مَهْلٍ. ورَادَ الريحُ يَرُود‫:‬ هَبَّ ببطء أو هَبَّ بتُؤَدَة‫.‬ ﴿أَمْهِلْهُم رُوَيداً﴾: أي أَمْهِلْهُم إمهالاً قليلاً. ذاك كان التهديد والوعيد لكفار مكة‫.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬