القرآن الكريم / سورة الجن / التفسير المقروء

سورة الجن

مقدمة‬‬
‫لقاؤنا مع سورة الجن سورة الجن سورة مكيه وعالم الجن من العوالم الكونيه مخلوقات لله عز وجل خلقها من مارج من نار فالعنصر فالعنصر الأساسي من خلق الجن هو النار والجن لا يرى يرى الأناس ولايراهم الناس والجن ذوي قدرات خارقه علمنا بذلك من القرآن وقد سخرهم الله تبارك وتعالى وسخر المرده منهم لسيدنا سليمان وكان ذلك له وحده خصوصية لم تمنح لأحد من قبله ولم تمنح لأحد من بعده والجن لا يعلم الغيب بنص القرآن حيث مات سليمان وهم إليه ينظرون وهم له شاهدون وهو واقف متكيئ على عصاه وقد فاضت روحه إلى بارئها ساعات أيام ليالي شهور يعلم الله هم يرونه ولا يعلمون أنه قد مات وأخبر ربنا تبارك وتعالى عن ذلك حيث قال
﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سورة سبأ آية‫:‬ ١٤]
فالجن لايعلم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله والغيب لا يشترط أن يكون مستقبلا فالغيب كل ماغاب عن الحاسه كل ما غاب عن حواسك فهو غيبه ما حدث بالأمس في بلد أخرى غيب بالنسبه لك وما أكله جارك بالأمس غيب لك فالماضي والحاضر والمستقبل ما غاب عن حواسك الإنسان يعتبر من الأمور الغيبيه ولا يعلم الغيب إلا الله والجن قد يتشكل وأغلب ما يتشكل فبه الجن هو صورة الحيه والجن منه المؤمن ومنه المؤمن ومنه الكافر منه الصالح ومنه الفاسق ومؤمن الجن كمؤمن الإنس يدخلون الجنة وكافر الجن ككافر الإنس يدخلون النار ولم يبعث الله تبارك وتعالى رسولا من الجن أبدا ولم يبعث رسولا من الباديه أبدا ولم يبعث رسولا من النساء أبدا بنص القرآن حيث يقول عز من قائل
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [سورة يوسف آية‫:‬ ١٠٩]
فما من رسول أرسل من باديه بل من القرى من الحضر وما من رسول من النساء وما من رسول من الجان وكان كل رسول يبعث إلى قومه خاصة وحين بعث سيد الخلق خاتما للمرسلين بعث للأحمر والأسود بعث للإنس والجن بعث للناس كافة بعث لأهل الأرض جمعيا والجن من ولد إبليس وذاك رأي هو الأب الأكبر لكل الجن كما أن آدم هو الأب الأكبر لكل الإنس آدم هو أبو الإنس وإبليس هو أبو الجن وأصل الجن بل هو منهم والشياطين هم ولد إبليس والجن هو ولد الجان وليس من أبناء إبليس فإبليس فرد من أفراد الجن فسق عن أمر ربه هو مخلد إلى أن تقوم الساعه إلى النفخه الأولى منظر إلى يوم يبعثون ذاك كان طلبه ولكن الله لم يجبه إلى طلبه بل أنظره إلى النفخه الأولى حيث يصعقون وليسوا يبعثون لأنه قال ﴿أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ قال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، النفخه الأولى كي يموت، أراد هو ألا يموت أبدا لكن الله تبارك وتعالى قضى أن يموت إبليس في يوم الصعقه في يوم النفخه الأولى والرأي الأرجح أن الجن ليسوا من ولد إبليس وإن كانوا من جنس إبليس مخلوقات من نار كما إن إبليس مخلوق من النار فهم من جنس واحد قيل إبليس هو تخلد إلى يوم النفخة الأولى هو وحده وقيل بل هو وذريته لايموتون إلا يوم النفخه ولايأتي إبليس ولايلد إلا شيطانا، هو شيطان وذريته شياطين إلى يوم الدين، وأما الجن فمنهم من إتبع إبليس فكفر ومنهم من عصى إبليس وآمن فمنهم من كفر ومنهم من آمن والجن لم يرهم رسول الله ولم يقرأ عليهم وذاك رأي ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم والترمذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال ما قرأ رسول الله على الجن وما رآهم ولكن كان رسول الله في طائفه من أصحابه خرجوا من مكه عامدين إلى سوق عكاظ ونزلوا ببطن نخله وهو واد بين مكه والطائف على مسيرة ليلة حين نزلوا ببطن نخله وباتوا فيها صلى بهم رسول الله الفجر وقرأ بسورة إقرأ باسم ربك الذي خلق فصادف ذلك مرور الجن ولم يدر بهم رسول الله ولم يراهم ولم يقرأ عليهم متعمدا بل كان يقرأ في صلاة الفجر مع أصحابه فسمعته الجن مصادفة فعلم بذلك من الوحي بدليل قول الله عز وجل
﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [سورة الجن آية‫:‬ ١]
إذا ًفقد علم بالوحي وأيضا في سورة الأحقاف يقول الله عز وجل
﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ [سورة الأحقاف آية‫:‬ ٢٩]
والآية بصريح لفظها في السورة تدل على أن النبي لم يكن يعلم ولم يرهم ولم يقرأ عليهم وإنما صرفوا إليه وكذلك الآية في سورة الجن والتي نحن بصددها ورأي آخر ساقه إبن مسعود رضي الله عنه فيه أن النبي قد جاءه داعي الجن إي إستدعاه فخرج إلى حراء وقرأ عليه ورواية أخرى عن إبن مسعود أنهم إفتقدوا رسول الله في ليله من الليالي كل ذلك في مكه وسورة الجن سورة مكيه والروايات كلها تروي عن زمن مكه إفتقدته الصحابه يوما فقالوا أغتيل أو إستطير وبحثو عنه في كل مكان وإذا به يأتيهم في الصباح من قبل حراء فسألوا وقالوا لقد بتنا يارسول الله بشرِ ليله بات بها قوم فأخبرهم أنه قد ذهب حيث إستدعى وجاءه داعي الجن فقرأ على الجن ثم أخذهم وأراهم أثار الجن حيث قرأ عليهم في ليلته وتعدد الروايات لاتفيد التناقض وإنما يوفق بينها بأن رسول الله في البدء لم يكن يعلم وجاء الجن فاستمعوا القرآن دون أن يدري فأوحى إليه ثم بعد ذلك ذهب رسول الله إليهم حيث إلتقى بهم قبل حراء وقرأ عليهم وأفهمهم الحلال والحرام خاصه وأن من الروايات مايدل على أن الجن سألوا رسول الله الطعام أي ماهو حلٌ لهم من الطعام فقال كل عظم ذكر إسم الله عليه يجعل الله لكم عليه لحما وافرا وكل بعره وهي فضلات البهائم علف لبهائمكم أو علف لدوابكم ولذا منع المسلمون من الإستنجاء بالعظم وجاء في الحديث أنه طعام إخواننا من الجن يجعل الله عليه اللحم يجعل الله عليه لحما نحن لا نراه ومنع أيضا من الإستنجاء بالروث لأن الروث رجس وقيل أنه طعام دواب الجن والجن قبل بعثه النبي كانوا يتسمعون إلى الملأ الأعلى يصعد الشياطين إلى السماء وذلك في قدرتهم فقد منحوا قدرات خارقه علمنا بها من السنه والقرآن كقول العفريت لسليمان
﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ [سورة النمل آية‫:‬ ٣٩]
عرش كامل يأتي به من الشام إلى اليمن قبل أن يقوم سليمان من مجلسه كيف ذلك؟ قدره خارقه منحها الله لهم فهم يستطيعون أن يتصعدوا إلى السماء مهما بعدت المسافات فهم قادرون على التصعد إلى السماء يتسمعون للوحي أو لكلام الملائكة بمعنى أن الله تبارك وتعالى يوحي بالأمر إلى جبريل فيوحي جبريل بالأمر إلى ملائكة السماء السابعه وهكذا من سماء إلى سماء يتنزل الأمر كقول الله عز جل ﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ [سورة الطلاق آية‫:‬ ١٢] فإذا تنزل الأمر من سماء إلى سماء حتى وصل إلى السماء الدنيا تحدثت ملائكة السماء الدنيا بالأمور التي تقع في الأرض فيتسمع الجن لذلك فيخطف الكلمه ينزل بها فيلقيها في أذن الكاهن فيضيف الكاهن فيها تسع كلمات كلمه واحده هي حق وتسع كلمات هي باطل فيخبر بها الناس وكانت الكهانه منتشره في الجاهليه وحين بعث النبي منعت الجن من الإستماع لحراسة الوحي ولحماية كلام الله من أن تتلقفه الشياطين قبل أن ينزل به جبريل فتلقى به في أذن الكفار أو الكهان منهم فيدلون به ويتكلمون به ويقرأونه قبل أن يقرأه النبي فقد يتسمع الشيطان أو الجن القرآن في الملأ الأعلى فينزل بسرعه ويلقى بالكلمات في آذان الكهان فيتحدثون بها فإذا جاء النبي وقرأ قرآنا قيل له لم تأْتِ بجديد لقد قال ذلك الكلام فلان وفلان فمنعوا من الإستماع وهنا إختلف العلماء إلى رأيين الرأي الأول هل كان الجن يستمعون بصفه مستمره ولم يحجب الجن عن السماء إلا بعد بعثة سيد الخلق أم كانوا يقذفون أيضا قبل بعثه النبي بالشهب؟ هل كانت السماء مجالا مفتوحا لهم؟ هل كان التجسس مباح؟ هل ترك الله سماءه الدنيا وكلام ملائكته وأمور خلقه نهيا ومشاعا يتلصص عليه المتلصصون ويتسمع له الشياطين ولم تحجب السماء إلا بعد بعثة النبي أم إنهم كانوا يرجمون أيضا ولكن حين بعث سيد الخلق ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا وقبل ذلك لم تكن مملوءه؟ لم تكن مملوءه لأن الله تبارك وتعالى حين يقول حاكيا عن الجن أو عن مقالة الجن
﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ [سورة الجن آية‫:‬ ٨]
إذا ً لم تكن مملوءه ولم تكن خاليه فالتعبير يفيد وجود الحرس ووجود الشهب قبل بعثه النبي ولكن ليست بالكثره التي حدثت بالمبعث فقد ملئت بالمبعث والسائل يسأل لم ترك الله الجن يستمعون إلى أمور الخلق التي سوف تحدث وينزلون بها إلى الكهان لم أذن بذلك ولم سمح بذلك من قبل بعثه النبي قال العلماء في ذلك إن الله يبتلي عباده بما شاء فإذا أتيح للجن التسمع وألقوا بذلك إلى الكهان وتكلمت الكهان بذلك حدثت الفتنه وحدثت المحنه والدنيا دار إبتلاء ودار إمتحان ألا ترون إلى الآن والناس وبعد حجب الجن عن غيب السماء يذهبون إلى العرافين إلى الكهان وإلى فاتحي المنادل سرق منه شيء فيذهب إلى الشيخ فلان يفتح المندل فينبئه بالسارق ياسبحان الله وكأن الله أطلعه على غيبه ومقابل خمسة جنهيات أبهذا الرخص غيب الله بخمسة جنيهات تعرف من سرفك ألا ترون الناس يذهبون إلى الدجالين وإلى المحترفين يسألهم عن الأمس واليوم والغد وتذهبون المرأه التي لاتحمل تبتغي الحمل لدى الإنس بل لدى العصاه من الإنس بل لدى الكذبه من الإنس بل لدى الدجالين من الإنس ولا تبتغي الحمل من الله خالق الحمل
﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [سورة الشورى آية‫:‬ ٤٩]
هو له ملك السموات والأرض وهو الخالق فلا ترضى المرأه بنصيبها أولا تذهب إلى الطب وتتداوى فقد خلق الله الداء وخلق الدواء وأمرنا نبينا بالتداوي وقال تداووا ولا تتداووا بما حرمه الله وقال لم يجعل الله شفاء أمتى فيما حرّمه الله إذا ًفالتداوي مأذون به مسموح به لاتذهب للتداوي ولا تسأل الله كما سأل زكريا، سأل زكريا ربه وقال
﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ(٨٩)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ [سورة الأنبياء آية‫:‬ ٨٩- ٩٠]
تتلى علينا آناء الليل وأطراف النهار وتعرف الطريق للولد بسؤال الله كما سأل زكريا ربه وإستجابة الدعاء في هذا الشأن بابها مفتوح
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [سورة الأنبياء آية‫:‬ ٩٠]
فباستجابه العبد لله يستجيب الله له إستجيبوا لله يستجيب لكم ألا ترى النساء يذهبن بقروشهن إلى الدجالين من أجل الحمل ألا ترى المرأه تذهب إلى الرجل يكتب لها حجابا للحصول على حب زوجها وتذهب إلى الدجاله تخبرها بزواج زوجها من أخرى أم لا أهو على علاقه بأنثى أخرى أم لا ألا ترون ذلك يحدث في وماننا هذا بعد العلم والتقدم ولتفتح والتطور بعد كل ذلك يحدث نعم كان ذلك يحدث في الجاهليه وإن كان قد حدث في الجاهلي فأهل الجاهليه معذرورون لم يكن لديهم رسل لم يكن لديهم قرآن يخبرهم بأن
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [سورة لقمان آية‫:‬ ٣٤]
مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله هكذا قال الصادق نعم كانت الجن تتسمع ولكن كانوا يأخذون الكلمه واحده ويرجمون بالشهب من قبل المبعث من قبل بعثه النبي يلقونها إلى الكهان فتنه للناس وحين جاء رسول الله زيد الحرس وزادت الشهب وإمتنع الإستماع قطعا وقد يسأل ويتساءل سائل كيف يصعد الجن للإستماع وهم يعلمون أنهم سوف يرجمون بالشهب وقد أخبروا بذلك وقال
﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ [سورة الجن آية‫:‬ ٩]
إذا علموا بذلك فكيف يجترئون ويذهبون بأنفسهم للإحتراق؟ هناك رأي يقول قاله المفرون إن الله ينسيهم فيصعدون فيحرقون أنساهم كي يحق عليهم التكليف وقد يكون الأمر هو جذب لهم أو عزيزه أو إعتياد أو تقحم وإجتراء كما يجتريء شبابنا على شم المخدرات وفيها هلاكهم ويجتريء المخمور على شرب الخمر وقد لعنهم ربهم قد يكون إجتراء كإجتراء الفراش على النيران والأضواء وإذا بالفرش يحترق وأنت ترى الفراش يحوم ويطوف حول النور حول الضوء حول النيران ويقع فيها ودائما وأبدا يحدث ذلك أهم كذلك قد قد يعلم الله لكنهم يتسمعون إلى الملأ الأعلى فيقذفون من كل جانب هل يمكن لإنسان أن يسخر الجن في زمننا هذا أو في زمن النبي وهل كان يستطيع محمد أن يسخر الجن؟ أبداً أبدا ًألف مره وإلا لكان الكلام في القرآن محتمل فيه الشك لأن الله يحكي لنا ويقول عن سليمان حين دعاه قائلا هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب
﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ(٣٦)وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ(٣٧)وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ(٣٨)هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ(٣٩)﴾ [سورة ص آية‫:‬ ٣٦- ٣٩]
فكيف يسخّر إنسان الجن بعد سليمان لا والله ولارسول ولا ملك ولا حتى سيد الخلائق سيدنا محمد ليست له فلكل نبي خاصيه كما كانت ليوسف خاصية الحسن أعطى شطر الحسن والشطر الآخر وزع على الناس من لدن آدم إلى أن تقوم الساعه قسم الجمال في الناس نصفين نصف أعطاه ليوسف وحده ونصف وزعه على الناس وكما أعطى جمال الصوت لداوود فما من مخلوق على وجه الأرض يوازي صوته في الجمال أو معشار صوت داوود رجل كان إذا قرأ المزامير توقف الطيور عن الطيران خصوصيات فلايقدح في فضل نبيننا وشرف مقامه أنه لم يسخر الجن فتلك خصوصيات ولو شاء الله لمنحه لكن الله لم يشأ إذا فليس هناك مخلوق على وجه الأرض يمكن له أن يسخر الجن ومع ذلك ومع ماورد في القرآن والسنه الصحيحة تجد الناس يذهبون إلى الدجالين يسخرون لهم الجن ويقولون كذبا عن الجن أن هناك جن سفلي وجن علوي أما الجن السفلي فهو يعمل الأعمال ويفرق بين الأزواج ويخرب البيوت فهو جن شرير جن سفلي أسماء هم سموها ما أنزل الله بها من سلطان لم يخبرنا بها رسول الله ولا أصحابه ولا الراشدون ولا العلماء من بعدهم لم يقسم أحد منهم الجن إلى سفلى وعلوي وإنما التقسيم
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ [سورة الجن آية‫:‬ ١١] والتقسيم ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا(١٤)وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا(١٥)﴾ [سورة الجن آية‫:‬ ١٤- ١٥]
الجن السفلي كما يزعمون جن شرير والجن العلوي فيما يزعمون جن خير فإذا ذهبت إلى الرجل إدعى أنه يخر الجن العلوي ولا يسخر الجن السفلي وهكذا ويصدونهم جهل بالدين جهل لما علم بالشرع بالضروره هل يمكن أن يخاوي أحد من الإنس أحد من الجن كيف؟ يزعمون ذلك أيضا ويقولون فلانا قد خاوى من الجن يخاوي من الجن آي يآخى حتى اللفظ نطقوه خطأ والصحه في اللفظ آخى ويآخى وآخى الرسول بين المهاجرين والأنصار فهم إخوه وآخاه في الله ولا يخاويه كيف يخاوي بين الإنس والجن كيف يكون ذلك والإنسان خلق من صلصال كالفخار والجان خلق من مارج من نار وإختلاف العناصر يؤدي بالضرورة إختلاف العوالم وكما أنك لاترى الملائكة لأنها خلقت من نور فكذلك لايمكنك أن ترى الجن لأنه خلق من نار وربنا تبارك وتعالى يقول من أربعة عشر قرنا يتلى علينا ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [سورة الأعراف آية‫:‬ ٢٧] ألا تصدقون الله وتصدقون الدجالين والسفله من النار هذا النبي خاوى الجن كما يدعي وسحر الجن كما يزعم تذهب أنت إليه ويتمتم ويأتي البخور وحركات بهلوانيه ثم يمديده إليك كيف والجن حين أخبرنا الله عن أعمالهم قال ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سورة سبأ آية‫:‬ ١٣] فإذا كان معك الجن لم لا يبنون لك قصرا كما يبنون لسليمان؟ لم لا يأتونك بأموال البنوك والجنيهات الذهبيه من خزائن البنوك والمصاغ والحلي لم لا يأتونك بذلك إن كنت تقول إن ذلك حراما والجن الذي تخاويه لا يسرق فليأتونك ياللآلي من البحر فهي مباحه لمن يستخرجها وقد كانوا يستخرجونها لسليمان ﴿كل بناء غوّاص﴾ أليس كذلك‫.‬ وهل يمكن لإنسان أن يتزوج من الجن كما يزعم بعضهم أيضا؟ كذب أيها الاخ الكريم جرب وامسك الهواء بين يديك؟ هل أمسكت الهواء؟ هكذا الجن كالهواء كيف تمسكه؟ كيف يستمتع المحسوس المملوس مع غير المحسوس هل يمكن لك أن تقبض على شعاع الشمس هلمّ وأرني كيف تقبض على شعاع الشمس هاهو شعاع الشمس أمامك أشعه ملأت الكون ضياءا هلمّ واقبض على شعاع واحد أيكنك إذاً فكيف يحتض الرجل من الإنس المرأه من الجن أيحتضن نفسه والله إنه لسفيه أو مختل العقل أو كذاب رغى وسوف يلقى الله مسوّد الوجه نعم ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [سورة يونس آية‫:‬ ٦٩] نعم تسوّد وجوههم لأنهم كذبوا على الله ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [سورة الزمر آية‫:‬ ٦٠] نعم كذب وادعى الكذب كيف يجتمع الماء مع النار هلم وأرني في المعامل في المصانع أرني إن كنت طبيبا أو كنت عالما أو إن كنت أو إن كنت فلتجتمع مصانع الدنيا لتجمع الماء مع النار في وعاء واحد أيمكن ذلك؟ أنت خلقت من الماء والجن خلق من النار بإخبار الحالق والصانع فكيف الماء مع النار خلق الإنسان من ماء مهين فكيف يجتمع الماء مع النار؟ فكيف يتزوج الرجل من جنية وترى أتحمل منه؟ أترى أتلد وإن ولدت أتاتي بإنسان أم تأتي بجان أم تأتي بنصف إنسان ونصف جان ترى كيف يكون الأمر أفيق أيها المسلم وذكّر من حولك إياكم والدجل إياكم والكذب إياكم والإدعاء واعملوا عقولكم زاسمعوا لسيد الخلائق حين يقول (من اتى عرافا او كاهنا فسأله فصدقه فقد كفر بما انزل على محمد) يا ايها الأخوه الحق أبلج والباطل لجلج والحق أحق أن يتبع أتركون كلام الله وكلام رسول الله وتلجأون إلى المشعوذين لقد سئل إمامنا الشافعي رحمة الله عليه عن رجل يزعم أنه قد رأى الجن لم يزعم أنه تزوج منهم لم يزعم أنه يسخرهم وإنما يزعم أنه رأى حين سئل الإمام الشافعي رحمة الله عليه عن مقالة الرجل الذي زعم أنه رأى جني قال هذا الرجل واحد من إثنين رجل قد إختل عقله فادعوه له بالشفاء أو كاذب مفتى يعاقب عقاب المفترين يجلد ثمانين جلده ذاك قول إمامنا الشافعي صاحب المذهب المشهور وكذلك قال إخوته من الفقهاء مالك وأبو حنيفه وأحمد بن حنبل هؤلاء الذين أخذنا عنهم ديننا هل علمتم الصلاة إلا منهم؟ هل علمتم كيفية الوضوء إلا عن طريقهم؟ هل تحكم المحاكم في محاكمتا الشخصية إلا بمذاهبهم؟ هم الأئمة الأربعة مذاهبهم هي التي علمنا من خلالها الأحكام وتبين لنا الحلال والحرام فهم المجتهدون الذين إجتهدوا في السنه وفي القرآن واستخلصوا لنا كل ذلك ايها الاخ المسلم أيتها الأخت المسلمه اتقوا الله في أنفسكم وعودوا إلى الله وسلوا الملك المالك هو الملك وهو المالك هو الخالق وهو القادر هو من يملك كل شيء إليه يرجع الأمر كله بيده ملكوت كل شيء وإذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون كيف تتركون من هذا شأنه لتذهبوا إلى العبيد الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فكيف يملكون لكم إذا كانوا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا أفيملكون لكم أنتم النفع والضر لقد حيل بين الشياطين وبين خبرا السماء فعادوا إلى قومهم وقالوا حيل بيننا وبين خبرا السماء وقد وجدنا السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا فقيل لهم هذا الأمر حدث في الأرض فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ماذا الذي حدث حتى منع الخبر عن السماء فقسموا أنفسهم فرقا يجوبون مشارق الأرض ومغاربها يتعسسون الخبر ماذا حدث في الأرض حتى يمنع عنهم خبر السماء وقد كانوا يتسمعون فيها ويختطفون الكلام من الملائكة فيوحون بها إلى الكهان وتضيف الكهان ما شاءت فبعض الكلام صدق وأكثره كذب أما النفر الذين إتجهوا قبل أرض الحجاز واتجهوا قبل تهامه صادفوا النبي في بعض نخله في الطريق بين مكه والطائف يصلي الفجر بأصحابه ويقرأ من قول الله سورة إقرأ باسم ربك الذي خلق فأنصتوا واستمعوا وقالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء وعادوا لقومهم يقصون عليهم الخبر نزل جبريل يحكي للنبي هذا الذي حدث نزل بسورة الجن السورة الملكيه وكما قلنا إستدل كثير من العلماء بما جاء في سورة الأحقاف إستدلوا على أن النبي لم يقرأ على الجن متعمد ولم يرهم وإنما عليم بخبرهم من الله وقال البعض الآخر نعم كان ذلك في بدء الأمر أما بعد ذلك فقد رآهم كما رأى جبريل على صورته الأصليه كذلك رأى الجن وقرأ عليهم حين طلبوا منه ذلك والرأيان صحيحان إن شاء الله تحكي لنا السورة‫:‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌۭ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوٓا۟ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًۭا ﴿1﴾ يَهْدِىٓ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدًۭا ﴿2﴾
‫﴿قُلْ﴾ أي قل يا محمد والأمر من الله ﴿أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ وقرأت أُحِىَ إليّ لأن أوحى ووحى بمعنى واحد وَحَىَ الأصل قلبت الواو همزه ﴿قل أُحِىَ إليّ﴾ قراءه ﴿قل أُوحي إليّ﴾ أي جاءني الخبر من السماء على لسان جبريل ﴿أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ ولم يذكر ما إستمعوا إليه للعلم به لم يقل إستمعوا لماذا فقد علم أنهم إستمعوا للقرآن من سياق الآيات ﴿اسْتَمَعَ نَفَرٌ﴾ والنفر ما بين الثلاثة والعشره قيل كانوا سبعه أما كلمة نفر في اللغه فتستخدم للعدد من ثلاث لعشره ﴿فَقَالُوا﴾ قالوا أي عادوا إلى قومهم فقالوا لهم ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ لأنه يخالف ما إعتادت عليه الجن من كلام الناس هجبا عجيبا في نظمه وحلو كلامه وإعجاز لفظه عجيبا في بركته عجيبا في منطقه وصدقه وحقه ﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ يهدي إلى الرشدً قراءتان والرُشد والرَشد لغتان بمعنى واحد والرُشد ضد الغي الرشد يستعمل في الهدى والرَشَد الهدي ومراشد الأمور الصواب الطريق السليم والطريق الصحيح يهدي هذا القرآن إلى الرشد أو إلى الرشد ﴿فَآمَنَّا بِهِ﴾ أي صدّقنا أنه من عند الله تبارك وتعالى هو كلام معجز كلام عجيب في نظمه وفي لفظه لايمكن أن يأتي به بشر فآمنا به فصدّقناه ﴿وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ كان منهم المشركون وحين سمعوا القرآن علموا أن الشرك كفر ثم دللوا على ذلك المنطق السليم بقولهم‫:‬‬‬‬
وَأَنَّهُۥ تَعَـٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَـٰحِبَةًۭ وَلَا وَلَدًۭا ﴿3﴾
الجَد في اللغه العظمه الجلال السلطان والجَدْ أيضا جاءت على لسان صحابي جليل أنس بن مالك حين قال كان الرجل إذا حفظ البقره وآل عمران جدَّ في عيوننا أي عظم وزاد قدره وقرأت (أنه تعالى جدَّ ربنا)، جِدّ بكسر الجيم‫:‬ ضد الهزل، الجَد‫:‬ العظمه الجلال السلطان الملك، الجِد ضد الهزل وقرأت ﴿أنه تعالى جَدَى ربنا﴾ جَدَى من الجدوى والمنفعه أي نفع الله وفعله وسعه ملكه، وقرأت ﴿وأنه تعالى جداً ربُنا﴾ بالفتح، ﴿جدٌ ربُنا﴾ أيضا بالرفع قراءات ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى﴾ تعاظم واتفع أي تعاظمت عظمته وجل جلاله ﴿مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ تفسير لقولهم تعالى جد ربنا تعاظمت عظمته وجل جلاله واتسع سلطانه وعظم ملكه عن أن يتخذ صاحبه أو أن يتخذ ولدا فالصاحبه للإئتناس والولد للإنتفاع وربنا الغني عن عباده وخلقه (وأن) في هذه السوره في إثنى عشر موضعنا تنتهي بالآية رقم أربعة عشر إتفق على قرأه ﴿أوحي إليّ أنه استمع﴾ أن بفتح الهمز متفق عليه ثم إختلفوا فيما بعد ذلك ﴿أنه إستمع نفر من الجن﴾ ذلك من وحي الله لحبيبه المصطفى فقالوا ﴿إنا﴾ بكسر الهمز إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ﴿وإنه تعالى جد ربنا﴾ "وإنه" في إثنى عشر موضعا بالكسر معطوفه على ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا﴾ والكلام للجن ومنهم من قرأ بالفتح عطفا على ﴿أنه إستمع﴾ ومنهم من قرأ بالكسر عطفا على [سورة إِنَّا سَمِعْنَا] إن كانت بالفتح فهو من الوحي والقصص وحي من الله إلى الرسول يقول له ﴿أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ ﴿وأنا ظننا﴾ كل ذلك حكايه وحي من جبريل إلى لنبي ومن قرأ بالكسر أول الكلام على أن الحكايه من قول الجن (أوحى إليّ أنه إستمع نفر من الجن فقالوا وقالوا وقالوا إنا إنا إنا) بالكسر من قول الجن لبعضهم وبالفتح من وحي الله لمحمد عليه الصلاه والسلام ثم إتفق العلماء على أن الهمزه التي جاءت بعد القول لابد وأن تكون مكسوره مثل ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي﴾ ﴿فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا﴾ كل ما جاء بعد القول مكسور الهمز وكذلك كل ما جاء بعد فاء الجزاء مثل (فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) (فإنه له نار جهنم) متفق عليه بالكسر ما جاء بعد القول مكسور الهمز متفق عليه وكل ماجاء بعد فاء الجزاء مكسور أما الخلاف في الفتح والكسر ففي إثنى عشر موضعا من قوله بعد ﴿أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ ﴿وَإِنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ من هنا يبدأ الكسر في الإثنى عشر موضعا تنتهي بالآية الرابعه عشر وقد إتفق الأكثرون على فتح همزة ﴿وألّوْا إستقاموا على الطريقه﴾ لأنها من قول الله فهي من الوحي وليست من قول الجن لبعضهم وكذلك ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ لأنها من قول الله أيضا وليست من قول الجن واختلف بعضهم وقال ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ وكذلك ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ مفتوحه يقول الجن لبعضهم أو يحكي ربنا عن شأنهم ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا(٣)وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا(٤)﴾‬‬‬‬
وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطًۭا ﴿4﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلْإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًۭا ﴿5﴾ وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٌۭ مِّنَ ٱلْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍۢ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًۭا ﴿6﴾ وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا۟ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَدًۭا ﴿7﴾
‫﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ وأنه وإنه وقد علمتم متى تقرأ بالفتح ومتى تقرأ بالكسر ﴿كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ والسفينه هنا إبليس هناك سفيه أكثر سفاهة من سفاهه إبليس الذي كان يسبح مع الملائكة الذي كان في الملأ الأعلى الذي كان معززا مكرما الذي عصى ربه وهو في الملأ الأعلى عصى ربه في السماء فكانت أول جريمه ترتكب في السماء جريمه إبليس سفاهه ما بعدها سفاهه وحين عوتب سئل لم لم تسجد لما خلقت لم يعتذر كما إعتذر آدم لم يستغفر كما إستغفر آدم وإنما تطاول وحاجّ ربه قال أنا خير منه ونظر إلى العنصر عنصر النار أفضل من عنصر الطين نظر نظره إلى العناصر بعضها على بعض ولم ينظر إلى حكمة الله وإرادة الله وأمر الله وأن الفضل بيد الله وأن العزيز ما أعزه الله والكريم ما أكرمه الله وأن الفضل في الأشياء بفضل الله وليس لذات الأشياء سفاهة وأي سفاهه ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ إبليس وإن كان بعض العلماء قالوا السفينه هنا بعض الجن من المشركين منهم ﴿يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ الشطط‫:‬ البُعد يعبر به عن الجور وعن الظلم لأنه بعد عن العدل ويعبر به عن الكذب لأنه بعد عن الصدق، كان يقول شططا ظلما، أو يقول شططا كذبا وهو إدعاء الصاحبه والولد وتعتذر الجن عن إشراكها قبل سماعها القرآن وتقول ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ أو ﴿وإنا ظنناً﴾ بالكسر والفتح كما قلنا ﴿أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ القول قد يكون صدقا وقد يكون كذبا أما كلمة تقول فلا تأتي إلا في الكذب إخترع القول تقوّل فلان على فلان كذب عليه التقوّل لايكون إلا كذبا لأن فيه التاء التي تفيد الطلب أو تقوّل بمعنى إفتعل إفتعل لقول وإختلقه ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ تعتذر الجن حسبنا والظن هنا بمعنى الحسبان أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا هل يعقل أن تكذب الإنس على الخالق وتفتري على الله الكذب هل يعقل أن تفتري الجن على الله الكذب لا يعقل من هنا حسبنا أن ما ادعواه من صاحبه لله وولد صدقا لأننا لا يمكن أن يخطر على بالنا أن تتقول الإنس أو تتقول الجن على الله الكذب وكأنهم يعتذرون عن إشتراكهم قبل إستماع القرآن والآيات تبكيت لمشركي مكه فالسوره بمجملها تفيد أمور منها أن الله خلقا يسمى الجن يرانا ولا نراه كالملائكة وأن من الجن مسلم وكافر وتفيد أيضا التكبيت لمشركي مكه أي يا مشركي مكه يا من كفرتم بسيد الخلق هو منكم تعرفون نسبه وتعرفون كذبه مكث فيكم أربعين عاما ما جربتم عليه الكذب قط ما كذب على الناس فهل يكذب على الله كفرتم به وآمن به الجن وهو ليس منهم آمنت الجن بمحمد وأنتم يا أهل مكه يا أهل محمد يا عشيرته يا قبيلته كيف تكفرون به وتؤمن به الجن تبكيت لهم تعتذر الجن وتقول ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ وتحكي وتقول ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ "وأنه" من كلام الوحي وإنه من كلام الجن لبعضهم ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ الرهق الغشيان بقهر الرهق غشيان المحارم رهق الرجل غرق في المعاصي والآثام ﴿كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ﴾ أي يحتمون برجال من الجن يستغيثون بهم ويستعيذون بهم ويلجأون إليهم كيف ذلك كان الناس في الجاهليه إذا سافروا سفرا بعيدا باتوا في قفر أو فلاه من الأرض وخافوا على أنفسهم وعلى بضاعتهم وركائبهم قالوا تعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه سيد هذا الوادي من الجن كانوا يؤمنون بالعفاريت كانوا يثقون في أن العفاريت تضرهم وتنفعهم وأن الجن له سلطان على الناس فكان إذا بات الرجل في فلاه وفي مكان موحش إعتقد أن الجن سوف يتلاعبون به أو يسرقون غنمه أو يؤذونه فلكي يأمنوا هذا كانوا يقولون نعوذ بسيد هذا الوادي أي يملك الجن في هذا المكان نعوذ به أن نلجأ إليه ونستجير به ونحتمي بسلطانه نعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فيبيتون آمنين أكان ذلك صحيحا؟ أبداً لأن الله تبارك يخبرنا في هذه السورة بالوحي أوحاكيا عن كلام الجن لبعضهم ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ زاد الإنس الجن طغيانا وكبرا وعتوا حين إستعاذوا بهم وخافوا منهم فقالت الجن لقد سدنا الإنس والجن ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أي زادوهم طغيانا وكبرا أو زاد الجن الإنس رهقا أي زادوهم إثما وكفرا إذ الإستعاذه بغير الله كفر صراح (من إستعاذ بغير الله ذل وكفر) فلا تكون الإستفاده إلا بالله من هنا حين جاء الوحي أبطل هذا الكفر وأنزل الله على النبي الإستعاذه الحقه في المعوذين قل أعوذ برب الفلق وتل أعوذ برب الناس فالعوذ بالله وحده وهو النافع وهو الضار والعوز بغير الله شرك وكفر إذ لاينفع ولايضر إلا النافع والضار ألا هو الله من هنا نعلم أن كل من إدعى أن له سلطان على الجن أو يسخر الجن للإضرار بالناس أو أنه يسخر لنفع الناس أو أنه يسخر الجن العمل الأعمال أو لفك الأعمال وقسم الجن إلى علوي وسفلي كاذب مدّعي مفتر على الله الكذب خرج عن ملة الإسلام والآية واضحه وصريحه ولا تحتمل آراء متعدده وإنما تحتمل رأيين والإثنان صواب زاد الإنس والجنَ كفر وعتوا باستعاذتهم بهم وزاد الجنُ الإنس كفرا وإثما وخطيئة لأنهم كانو سببا في ذلك إذ إعتقد الإنس أن الجن ينفع ويضر فاستعاذوا بهم زاد الإنس الجن أو زاد الجن الإنس المعنيان صحيحان والمعنيان موجودان في الآية وفعلا إذا إستعاذ الإنس بالجن زاد الجن كبرا وعتوا وطغيانا وكذلك كانت الإستعاذه بالجن سببا في زيادة المستعيذ من الناس في الكفر والضلال والشرك فالنافع والضار هو الله واعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن إجتمعوا على أن يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك هكذا قال النبي لابن عباس رفعت الأقلام وطويت الصحف، ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ وأنهم طنوا من كلام الله بالفتح وحي للنبي يخبره بأن الجن ظنت كما ظن بعض الإنس أن الله لن يبعث للناس أو هو من كلام الجن وإنهم ظنوا أي الإنس ظنوا يا معشر الجن كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا أي عادت الحن تحكي لقومهم وقالوا إن الإنس ظنوا أن الله لن يبعث أحدا كما ظننتم أنتم معشر الكفار من الجن أو الكلام وحي يقال فيه وأنهم ظنوا أي الجن ظنوا يا معشر الإنس يا مشركي مكه ظنت الجن أن الله لن يبعث أحدا كما ظننتم‫.‬‬‬‬‬
وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَـٰهَا مُلِئَتْ حَرَسًۭا شَدِيدًۭا وَشُهُبًۭا ﴿8﴾ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَـٰعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلْـَٔانَ يَجِدْ لَهُۥ شِهَابًۭا رَّصَدًۭا ﴿9﴾ وَأَنَّا لَا نَدْرِىٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى ٱلْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًۭا ﴿10﴾
‫﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ حكاية ﴿وإنا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ قول الجن بعضهم لبعض اللمس المس للطلب فاللامس ملمس لمس وإلتمس مس وتحسس للطلب للمعرفه ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ أي تلمسنا خبر السماء ولم يلمسوا السماء المبنة أبدا أي إلتمسنا الخبر كما كنا نفعل من قبل ﴿فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ والآية تدل على أن الإستماع كان موجودا من قبل مبعث النبي وهذا هو الرأي الأرجح وإن كان بعض الناس قالوا إن الإستماع لم يكن موجودا وكانوا يرجمون بالشهب أيضا لكن الآية تدل على أن الإستماع كان موجودا وأنهم كانوا يرجمون بالشهب أيضا ولكن الرجم كان خفيفا والحرس كان قليلا أما بمبعث سيد الخلائق متنع الإستماع نهائيا فقد ملّئت وامتلأت السماء بالحرس الحرس إسم جمع كخدم أو جمع لحارس حارس وحرَّاس والحارس هو المراقب للشيء الحافظ له، لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا من الملائكة شديدا قويا قادرا ﴿وشُهبا﴾ والشُهب جمع شهاب والشهاب الشعله الساطعه من النار وأصلها من الشهبه والشهبه بياض إختلط بسواد فأطلق الشهاب على الشعله الساطعه من النار والشهب التي ترجم الشياطين مخصصه لذلك ولكن الآية تدل على أن الشهب جميعها للرجم فقد يكون منها ما يكون من الظواهر الكونيه فمنها رجوم ومنها ظواهر كونيه يعلم الله حكمتها وهو الذي يرسلها لكن الآية تدل على أن السماء بعد مبعث النبي مئلت بالحراس وملئت بالشهب إما بيد كل ملك شهاب فإذا رأى الشيطان يستمع قذفه بالشهاب الذي في يده وإما الملائكة رصد يرصدونهم والشهب كذلك تنتظرهم تلك كانت حكايتهم حين صعدوا قبل إستماع القرآن حين تلمسوا الخبر كمعتادي حالهم فمنعوا فنزلوا يضربون آفاق الأرض مشارقها ومغاربها ينظرون الخبر ماالذي حدث فوجدوا النبييقرأ القرآن أنا لمسنا السماء فوجدنا وأنا وإنا قراءتان كما قلنا ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ مقاعد للسمع أماكن مهيأه يستمعون منها أو أماكن بعيده عن الرجوم فقد كانت الرجوم موجوده كما قلنا وكاتوا يرجمون ولكن ليس بالكثره وليس بالإمتلاء الذي حدث بعد المبعث وإنما كانوا يتلمسون المواضع البعيده عن الشهب أو الأماكن التي كانت تصلح لإستماع كلام الملائكة وكما أخبرنا بوحي الله بالأمر إلى جبريل فينزل جبريل بالأمر إلى الملائكة ويتنقل الخبر من سماء إلى سماء بينهن حتى إذا وصل إلى ملائكة السماء الدنيا تحدثوا بالأمر يقع في الأرض فتخطف الشياطين الكلمة الواحده ويلقون بها إلى الكهان فيضيفون إلى الكلمة الواحده تسع كلمات فالعشر صدق وتسعة أعشار كلامهم كذب فتنه يفتن بها الناس إرادة الله هاهم يحدثون عن أنهم كانوا يقعدون مقاعد للسمع (فمن ستمع الآن) يحاول أن يستمع ﴿يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ أي شهابا مهيأ معدا له مجرد تحدث الجن نفسه بالإستماع من قبل أن يرقى يعد له الشهاب دون أن يدري فإذا وصل لحقه الشهاب فأحرقه ﴿شِهَابًا رَصَدًا﴾ أي مرصودا له معدا له فعل بمعنى مفعل كالخبْط ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ ﴿وإنا لَا نَدْرِي﴾ كأن الجن تتعجب وتعجبهم من قبل إستماع القرآن حين تلمسو الخبر ووجدوا الشهب والحرس نزلوا يتعجبون لم ذلك هل أراد ربنا بالناس شراً أم أراد بهم خيرا لم ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا لم منعنا من الإستماع؟ هل أراد الله شرا بالأرض؟ هل أراد أن يعذب الناس أن يهلكهم أم أراد بهم رشدا بأن يبعث لهم رسولا يخرجهم من الظلمات إلى النور إذا كان الكلام قبل إستماعهم للقرآن أما إذا كان الكلام بعد إستماعهم للقرآن وأنا لا ندري أشر‘‘ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا أي بمبعث النبي هل أراد ربنا أن يلزم الناس الحجه فأرسل إليهم رسولا ليكذبوه فيهلكهم أم آراد بهم رشدا فأرسل إليهم رسولا ليؤمنوا به ويتبعوه فيهديهم ربنا ويدخلهم جنات النعيم لاندري هل البعث شر أم البعث خير أو الحرس هل هو خير أم هو شر لم يكن الجن يعلم ويتحدثون عن أنفسهم ويقولون‫:‬‬‬‬
وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدًۭا ﴿11﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُۥ هَرَبًۭا ﴿12﴾ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦ ۖ فَمَن يُؤْمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخْسًۭا وَلَا رَهَقًۭا ﴿13﴾ وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ تَحَرَّوْا۟ رَشَدًۭا ﴿14﴾ وَأَمَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ فَكَانُوا۟ لِجَهَنَّمَ حَطَبًۭا ﴿15﴾
‫﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ﴾ وحي (وإنا) إن كان الكلام من الجن (وإنا) وحي عن الجن منا الصالحون الذين صلحت أحوالهم واستقاموا ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ وكلمة ﴿دُونَ ذَلِكَ﴾ تعني الكفر أي منا الصالحون أي مؤمنون ومنا دون ذلك أي كافرون أو منا الصالحون الكاملون في الصلاح والإستقامه ومنا دون ذلك أقل منهم صلاحا والآية في كل مؤمن منهم المؤمن الكامل الصلاح ومنهم من هو دون ذلك في الصلاح أي ليس صالحا صلاحا كاملا وإنما بعض الصلاح وليست في الإيمان والشرك أو الإيمان والكفر بل في درجات الصلاح وكان الكلام عن الجن قبل إستماع القرآن والدليل على أن الجن قبل إستماعهم للقرآن كان منهم المؤمن وكان منهم الكافر وكان منهم الصالح وكان منهم الطالح أنهم قالوا في موضع آخر كما يحكي لنا ربنا في سورة الأحقاف أنهم تكلموا عن القرآن فقالوا ﴿قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [سورة الأحقاف آية‫:‬ ٣٠] طالما عرفوا كتاب موسى إذا ً فقد كان منهم يهود ومنهم نصارى ومنهم مجوس ومنهم مؤمنون ومنهم كافرون ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ طرائق جمع طريقه والطريقه المذهب طريقه الرجل مذهبه سيره تقديره للأمور أسلوبه ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ كنا فرقا كل فرقه لها مذهب ولها رأي ولها إتجاه ﴿قِدَدًا﴾ شتى متفرقه قددا جمع قده والقده الجماعه أو البضعه من الشيء أو الجزء من الناس هوى كل واحد منهم مختلف عن هوى الآخر من قدَّ الشيء قطعه والقيَّده قطعه سير من الجلد قدَّ من الجلد فالقيد أيضا ما تربط به الأيدي سير من جلد رباط من جلد قطع قربطت به الأيدي من هنا القيده القطعه من القد والقطع أي كنا طرائق مذاهب مختلفه مذاهب شتى لااتفق هوى كل فرقه منا مختلف عن هوى الفرقه الأخرى ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ أو إنا طننا الظن هنابمعنى اليقين أما الظن في قولهم كما يحكي لنا ربنا تبارك وتعالى ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ حسبنا ليس من اليقين فالظن ليس بمعنى اليقين في تلك الآية أما الظن هنا بمعنى اليقين كقوله ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ [سورة البقرة آية‫:‬ ٤٦] أي متيقنون من ذلك وكل ظن جاء على لسان مؤمن فهو يقين وكل ظن جاء على لسان كافر فهو شك في القرآن كله كلما سمعت كلمة ظن على لسان كافر فذلك من الشك وكلما سمعت ظن على لسان مؤمن فذلك بمعنى اليقين هنا بمعنى اليقين لأنهم آمنوا ﴿فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ إذا ً فقد آمنوا من هنا حين قالوا ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ﴾ إذا ً فقد تيقنوا من ذلك لن نعجز لن نغلبه لن نعجز عن اللحوم بنا إذا أرادنا ولن نعجزه هربا إذا طلبنا فإذا هربنا إلى السماء أدركنا وإذا هربنا في مشارق الأرض أو مغاربها أتى بنا لن نعجزه في الأرض فهو يملكنا ويملك أرواحنا ويملك أجسادنا ويملك كل شيء فينا هو خالقنا هو يملكنا لن نعجزه أي لن نفلت منه ولن نغلبه وإنما هو الغالب على أمره إذا طلبنا يأتى بنا ايها الاخ المسلم تلك كانت بعض كلمات الجن أوحى الله بها إلى حبيبه المصطفى يتبين منها كيف إستمعت الجن للقرآن وكيف أنصتوا له وكيف تعقلوه وكيف دخل إلى قلوبهم وكيف آمنوا به وكيف إقتنعو به فلا تكن أيها الاخ أقل حظا من الجن في إستماع القرآن والإنصات له والإنتفاع به والعمل بما جاء به فقد آمنت الجن وآمن النفر الذين إستمعوا القرآن وولَوّا إلى قومهم منذرين فكانوا هداه مهتدين أبلغوا قومهم وأنذروهم وكانوا لسان رسول الله إلى الجن في مشارق الأرض ومغاربها فقد بعث نبينا إلى الإنس والجن كما قال هو عن نفسه (بعثت إلى كل أحمر وأسود) أي كل إنس وجن تقول الجن فيما يحكي لنا ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا﴾ إعتراف وإقرار من الجن بأن القرآن هدى يا سبحان الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم إستمعوا إلى القرآن مره بل إستمعوا إلى بعض القرآن بل إستمعوا إلى آيات قليله من القرآن سورة قرأها النبي في صلاته كانت كافيه لإيمانهم ولعلمهم بالحق ولتسليمهم للحق واستسلامهم للحق ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى﴾ أي القرآن ﴿آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا﴾ إقرار علماء من مره وصدق ربي جل وعلا حيث يقول ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [سورة الأعراف آية‫:‬ ٢٠٤] الإستماع والإنصات يأتي بالرحمة يأتي بالهدى لايخاف بخسا ولا رهقا أي لا يبخس حقا ولا يرهق ظلما البخس النقص أي لا ينقَّص من حسناته ولا يرهق بتحميل سيئات غيره عليه أو بزيارة سيئاته ﴿فلا يخفْ﴾ قراءه بالجزم جواب الشرط ﴿فلا يخافُ﴾ بالرفع على تأويل فإنه لايخاف بخسا ظلما نقاص من حسناته ولارهقا تفشاه سيئات غيره أو يزاد عليه من سيآته فربنا لا يظلم أحدا ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ المسلمون الذين أسلموا لله تبارك وتعالى واستسلموا له بالكليه منا المسلمون فوضوا أمورهم إلى الله واستسلموا الأمر إليه صدقوا به وبرسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر ﴿وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ القاسطون‫:‬ الظالمون قسط ظلم وجار أقسط عدل وكأن الهمزة في الفعل الرباعي للسلب أقسط أي أزال القسط الذي هو الجوْر فالقسط بمعنى الجور والقاسط جائر ظالم أما المقسط أما المقسط فهو العادل تقول الجن ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ ذاك بعد إستماعهم للقرآن وصفوا أنفسهم بعد إستماعهم للقرآن فمن الجن من يؤمن كمؤمني الإنس بالقرآن ومن الجن من يكفر ككفار الإنس بالقرآن ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ تحروا إبتغوا وطلبوا وسعوا من حرى الشيء يحريه إبتغي وطلب جراه أي جانبه حرى الشيء جانب الشيء جانب الشيء فتحري وحرى الشيء إبتغى حراه ابتغي جانبه ذهب إلى جانب الشيء والتجأ إليه فمن تحرى الرشد معنى ذلك أنه إبتغى الطريق إلى الرشد ولجأ إلى الرشد والرشد ضد الغي الرشد الهدايه الرشد الإستقامه الرشد الطريق إلى الصواب والحق ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ﴾ الظالمون الجائرون المبتعدون عن الحق ﴿فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ أي توقد بهم النار كما توقد بالحجاره وتصور إذا أصبح الكافر وقودا توقد به النار أي لايعذب بالنار فقط بل توقد به النار وتزداد إشتعالا إذا ألقى فيها زادت إشتعالا به وكأنه وقود‬‬‬‬‬‬
وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَـٰهُم مَّآءً غَدَقًۭا ﴿16﴾ لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِۦ يَسْلُكْهُ عَذَابًۭا صَعَدًۭا ﴿17﴾
‫﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ وهنا تبدأ الآيات بفتح الهمزه وليس فيها كسر ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾ من قول الله عز وجل ولا يقال فيها "وإن" أبداً وإنما هي بالفتح باتفاق القراء جميعًا ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ ﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ العذق الكثير المبارك الطيب غدقت العين تغدق فهي غدقه كثر ماؤها إذا كثر ماء العين النابعه من الأرض وطاب قيل غدقت العين تغدق فهي عين غدقه أي كثيرة الماء ايها الاخ المسلم حيثما كان الماء كان المال وحيثما كان المال كانت الفتنه لأن الماء سبب للحصول على المال بالماء تنبت الزروع وتصلح الأرض ويحيا الضرع وينمو الزرع عُبّر عن الخير في الدنيا وكثرة المال والسعه بالماء لأنه سبب لذلك فيقول الله ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ أي لإنس والجن لو إستقاموا على طريقة الهدى ﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ أي لوسّعنا عليهم في المعايش مصداقا لقوله عز وجل ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [سورة الأعراف آية‫:‬ ٩٦] ومصداقا أيضا لقوله ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [سورة المائدة آية‫:‬ ٤٤] ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ وسّعنا عليهم ﴿مَاءً غَدَقًا﴾ ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ أي لنختبرهم لنبتليهم ولنمتحنهم ونرى أيشكرون أم يكفرون والفتنه الإختبار وأصل الكلمه من فتنة الذهب والفضه وفتنة المعادن وهي إدخال المعدن في النار ليتخلص من شوائبه ويخلص خالصا عُبّر بكلمة الفتنه عن الإبتلاء حتى تظهر معادن الناس على حقيقتها ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنعاملهم معاملة المختبر قد تكون كذلك الآية كنايه عن التوسعه وعن الخير لمن أسلم وتحري الرشد وآمن يوسّع عليه ربنا في دنياه يختبره بالسعه ليسْكر وقد تكون العكس ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ أي ظل الإنس والجن على طريقتهم في الكفر والتكذيب ﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ لفتحنا عليهم أبواب كل شيء ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنمتحنهم ونهلكهم مصداقا لقوله عز وجل ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [سورة الأنعام آية‫:‬ ٤٤] فالآية كنايه عن إستدراج الكفار لو إستمروا على كفرهم العكس والضد وأيضا مصداقا لقول الله ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ(٣٣)وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ(٣٤)وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ(٣٥)﴾ [سورة الزخرف ٣٣ – ٣٥] فالآية إما التوسعه على الناس إذا إستقاموا على طريقه الهدى وإما فتح أبواب الخيرات على الكفار لاستدراجهم أي الرأيين أرجح؟ الرأي الأول أرجح أن الآية خاه بالمؤمن من آمن وسع له في عيشه وبورك له في رزقه الدليل على أنها أرجح لأن الله تبارك وتعالى يقول (وألّوا إستقاموا على الطريقه) معرّفه بالألف واللام وطالما عرفت الطريقه بالألف واللام إذا فهي الطريقه المعهوده ألا وهو الطريق إلى الله الأمر الثاني الذي يرجح الرأي الأول هو قول الله إستقاموا والإستقامة لا تكون إلا على الهدى أما في الضلال فلا إستقامه هناك أبدا لا يمكن أن يستقيم الإنسان على الضلاله لأن الضلاله ليس فيها إستقامه إذاً فالأرجح أن الكلام عن الإيمان لو إستقام الإنس واستقام الجن على طريقه الهدى لوسع الله عليهم وفتح لهم البركات ونزلت عليهم الخيرات حتى يشكروا الله ويعيشوا في رغد العيش ويعبدوا الله وهم آمنوا مطمئنون لا يشغلهم السعي على الأرزاق ولا ترهقهم الديون لايمدون أيديهم يتكففون الناس لايقترضون من هنا ومن هناك فيغرمون والغارم إذا غرم وقع في الخطيئة إذا حدث كذب كما قال نبينا وكان دائما يستعيذ بالله من المغرم والمأثم وسألته عائشه يارسول الله ما أكثر ما تستعيذ بالله من المأثم والمغرم أما المأثم فقد عرفته وهو الإثم فما هو المغرم ولم تستعيذ من المغرم فقال لها النبي معلما للأمه‫:‬ ياعائشه إن الرجل إذا غرم أي كثرت ديونه حدث فكذب ووعد فأخلف فالمغرم الدين الذي يلجيء الإنسان للذله أو الدين الذي لايستطيع المدين أن يؤديه ويلزمه الدائن يذهب وراءه أينما كان يطالب بدينه فالرجل إذا عزم حدث فكذب ووعد فأخلف نعم يأتيه الدائن فيقول إليّ بمالي فيقول غدا إن شاء الله ولا يملك شيئا في الغد وعد فأخلف فالإيمان بالله وتقوى الله تفتح الأرزاق وتفتح البركات (ولوان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات) وانظر إلى التعبير ﴿لفتحنا﴾ عليهم بركات من السماء والأرض نعم ويقول النبي إن الرجل ليحرم الرزق قد كتب له بالذنب يصيبه أي يكتب له الرزق فيرتكب الذنب فيرتفع عنه الرزق وقد كان مكتوبا له الرزق مكتوب لك لكنه معلق إن أطعت الله نزل لك الرزق رغدا واسعا طيبا حلالاً مباركا فيه وإن عصيت إرتفع عنك الرزق وألجات الله لغيره فمددت يدك للناس واقترضت من الناس ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ ﴿نَسلُكْهُ﴾ ﴿نُسْلِكْهُ﴾ ثلاث قراءات من سلك وأسلك ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ الصَعَدْ مصدر صَعِدَ يصْعَدُ صَعِدا وصُعوداً والصعد يعبَّر به عن المشقه وكأن العذاب يتصعَد على المعذب فيغطيه من رأسه إلى أخمض قدميه من يعرض عن ذكر ربه يكفر أو من يعرض عن ذكر ربه لايكون صالحا طائعا بل يكون عاصيا فاسقا وإن آمن وإن أسلم أسلم باللسان ولم يسلم بالعقل والعمل فالآية إما في عصاة المسلمين وإما في الكفار ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ﴾ أي يرفضه أصلا فيكذّب به أو يعرض عن ذكر ربه فتلهو به الدنيا ويلهو بها ولا يصلي ولا يصوم بل يرتكب المعاصي والآثام ويعث من الدنيا ومن ملذات الدنيا ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ أي يتصعده العذاب فيغشيه ويغطيه ويتصعّد عليه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه أيها الاخ المسلم هاقد رأيتكيف آمنت الجن وها قد رأيت كيف جعلها الإيمان تنطق بالحكمة والصدق صدقها ربنا إن كان الكلام حكايه عن قولهم وإن كان الكلام وحيا من الله لحبيبه المصطفى فهو الصدق وهو الحق ايها الاخ المسلم إذا أردت أن تتسع لك الأرزاق فأطع الله إذا أردت أن ينسأ لك في عمرك فأطع الله إذا أردت أن تصلح أولادك فأطع الله ربنا يقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(٧٠)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(٧١)﴾ [سورة الأحزاب آية‫:‬ ٧٠- ٧١] .‬‬‬‬‬‬‬
‫ايها الاخ المسلم التأمين على الأولاد التأمين على حياتهم وسعادتهم دنيا وأخرى موجود في القرآن في قول الله عز وجل ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [سورة النساء آية‫:‬ ٩]. ايها الاخ المسلم الأرزاق بالطاعه وما عند الله لا يدرك بمعصيته بل يدرك بالطاعه أطيعوا الله تفلحوا أطيعوا الله ترزقوا أطيعوا الله يبارك لكم في أعماركم وفي أعمالكم وفي أولادكم وفي أرزاقكم مازلنا في أخوار سورة الجن يقول الله‫:‬‬‬‬‬
وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًۭا ﴿18﴾
قراءتها بالفتح باتفاق القراء لأنها من وحي الله تبارك وتعالى إلى حبيبه المصطفى والمساجد جمع مسجد والمسجد كل بيت أقامه الناس لعباده الله في كل مله وكل دين والمساجد قد يكون المقصود بها بيوت الله التي أذن أن ترفع ويذكر فيها إسمه والمساجد قد تكون الأرض كلها لقول النبي (جعلت الأرض لي مسجدا وطهورا) والمساجد موضع السجود سجد مسجداً ومَسجداً فالمساجد مواضع السجود فإذا سجدت فاسجد لله ولا تشرك مع الله احدا والمساجد قد تكون الأعضاء السبعه التي أمرنا بالسجود عليها كما قال نبينا (السجود على سبعة أعظم الجبهه ووضع يده على أنفه واليدان والركبتان والقدمان) تلك الأعضاء وتسمى آداب جمع إرب أي عضو وأعضاء يطلق عليها أيضا مساجد لأن العبد يسجد عليها أي فلتعلم أن أعضاءك لله يملكها هو خالقها فاستنجد منها فيما خلقت ولا تشرك مع الله أحدا فيها فلا تبطش بيدك تكسب بها الحلال ولا تمشي برجلك إلى الحلال وهكذا لا تخضع جبهتك إلا الله له عنت الوجوه فهو الحي القيوم فالمساجد قد تكون بيوت الله وقد تكون الأرض وقد تكون مواضع السجود وقد تكون الأعضاء والرأي الأول أظهر أظهر وأرجح (وأن المساجد) أي التي بنيت للعباده زاك هو الرأي الأرجح والأظهر وإن كانت المساجد لله عز وجل ملكا وتشريفا إلا أنه تجوز نسبته لغيره تعريفا فيقال مسجد بني فلان مسجد المواساه مسجد فلان وفلان تنسب لغير الله تعريفا بالموضع أو بالتحبيس حيث بناها فلان وحبسها لله فإن كانت المساجد لله ملكا هو يملكها لأن له ملك السموات والأرض وتشريفا شرفت بنسبتها لله وسميت بيوته إلا أنه يصح ويجوز نسبتها لغيره من أجل التعريف والتعريف فقط هذا مسجد المواساه وذاك مسجد بني فلان والمساجد جعلت لغرض ولهدف أوضحه الله تبارك وتعالى في قوله ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ(٣٦)رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(٣٧)﴾ [سورة النور آية‫:‬ ٣٦- ٣٧] ذلك هو الغرض من المساجد وإن كان ذاك هو الغرض لكنه قد أبيح فيه أشياء في المسجد أبيح فيه جمع المال للزكوات وأبيح فيه توزيع الصدقات وأبيح فيه ربط الأسير كما ربط رسول الله أسير في سارية المسجد ويباح فيه حبس الغريب ويباح فيه تمريض المريض كما حدث مع سعد بن معاذ أيضا يباح في المساجد إنشاد الشعر إذا عرى من الباطل إذا كان حقا لمدح الله والثناء على رسول الله كما أنشد حسان في مسجد رسول الله بين يديه وأنشد غيره ولكن يمنع في المساجد التجاره والبيع والنميمه وما حرمه الله ورسوله ولا يجوز أيضا في المساجد أن تكون ممرات أو طرقا للناس يمرون فيها ولا يجوز في المساجد كل ما يخل بكرامتها وفضلها وتشريفها وطهارتها فيجنب السفهاء لايدخلون المساجد وكذلك غير المميزين من الصبيان الذين قد يبخسون المساجد فالمساجد لله كما لا يجوز في المساجد أن يغتاب أحد كما لايجوز للخطيب أن يخرج عن خطبته باغتياب الناس ولو كانوا من العصاه على تحديد الإسم ولكن لا يجوز له النعيم بلعنة الكافرين تعميما وليس تخصيصا لعنة الفساق وبيان الفسق والفجور وما إلى ذلك لتعليم الناس دون ذكر أسماء فإذا إغتاب الإمام أحدا على المنبر وجب على المصلين أن ينصرفوا عن الخطبه ولا يستمعون له فالمساجد لله وقد كانت اليهود والنصارى يشركون بالله في مساجدهم وإن كانت تسمى كنائس وبيعْ وتسمى صلوات إلا أن كلمة المسجد أعم كذلك كانوا يشركون مع الله في مساجدهم أي في كنائسهم وبيعهم وصلواتهم لذا أمر النبي وأمر المؤمنون معه من الإنس والجن ألا يشركون مع الله أحدا في مساجدهم فتخصص المساجد لعبادة الله الواحد الأحد ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ وقد كان النبي إذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى وقال اللهم أنا عبدك وزائرك وعلى مزور حق وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار وكان إذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى وقال اللهم حبّ عليّ الخير صبا ولا تنزع عن صالح ما أغطيتني أبدا ولا تجعل معيشتي كدا واجعل لي في الأرض جدا والجد أي الغنى مساجد الله بيوت الله ملائكة الرحمن فيها تخص الناس فيها تكتب أسماءهم وتثني عليهم وتستغفر لهم وتدعو الله لهم بيوت الله لابد أن تكون أنظف البيوت وأطهر البيوت وأعظم البيوت وأجمل البيوت وأجل البيوت ومن قمم المسجد أي أزال قمامته وأزال الأذى والقذى عن المسجد كان ذلك مهرا للحور العين وكلما أزال من المسجد أذى أو نجاسه أو قذاره أو غبارا أو قشا أو شيئا يؤدي المصلن كلما زاد عدد الحور العين اللاتي ينتظرنه يوم النعيم المساجد وإرتفاع الصوت في المساجد ممنوع وقد حرمت الأمه بأسرها من فضل علم ليلة القدر بارتفاع صوت رجلين فقط فقد خرج نبينا في رمضان ينبيء الناس عن ليلة القدر فقد علمها تحديدا فتلاحى رجلان رجل يتقاضى دينا لدى آخر فارتفع صوتهما بالمسجد فقال النبي خرجت أنبئكم بليلة القدر فتلاحى رجلان فرفعت
وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا۟ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًۭا ﴿19﴾
‫﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ وأنه بالفتح أيضا وهناك قراءه بالكسر وأنه مما أوحى الله لنبيه ﴿عَبْدُ اللَّهِ﴾ محمد وجاء بلفظ العبودية تشريفا لرسول الله وتواضعا من الرسول لأن الكلام تشعر بأنه القائم للعباده وللدعوه فكأنه يتكلم عن نفسه ويصف نفسه بالعبوديه فجاء بلفظ العبوديه لإظهار تواضع النبي لتشريفه أيضا ولبيان مقتضى القيام ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ يعبده يصلي الفجر بأصحابه في بطن نخله حينما صادفته الجن والدعاء هنا بمعنى الصلاه والعباده ﴿كَادُوا﴾ الجن أوشكو ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ اللبد الجماعات جمع لبده واللبده الشيء المجتمع الملصق لبد الشيء كل شيء ألصقته إلصاقا شديدا ببعضه ولبدته أي ألصقته وجمعته يسمى لبده كلبده الأسد الشعر المتكانف الملتصق على عنقه فلو ألصقت الشعر وصمغته يقال لبدهُ أي ألصقه إلصاقا شديدا (لما قام عبد الله) حين قام نبينا يصلي بأصحابه الفجر ببطن نخله وجاءت الجن وسمعت تكانفوا اوركب بعضهم بعضا حوله تعجبا من القرآن وتعجبا من إقتداء الصحابه به في ركوعه وسجوده وقيامه فما رأوا ذلك من قبل تعجبا وإنبهارا من إعجاز القرآن وباقتداء الصحابه بالنبي كادت الجن أوشكت أن تتجمع عليه لبدا ذاك معنى والمعنى الآخر ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ حين قام النبي يدعو أهل مكه للإسلام يدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار ونبذ الشرك ﴿كَادُوا﴾ كادت الكفار ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ يجتمعون عليه ويتكاتفون عليه ويتجمعون حوله ليطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون ذاك معنى آخر أو كادت الإنس والجن يجتمع شياطين الإنس مع شياطين الجن لإطفاء نور الله أو لصد الناس عن الدعوة وعن الإسلام وعن الدين ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا﴾ الجن كادوا الإنس كادوا الجن للإستماع تعجبا وإنبهارا وإعجابا كادوا المشركين لحربه لحبسه كادوا يخرجوه أو يقتلوه أو يثبتوه كاد الإنس والجن أن يجتمعوا عليه لإطفاء النور ﴿كادوا يكونون عليه لِبَداً﴾ ﴿لُبُداً﴾ ﴿لبَّداً﴾ أربع قراءات وهي أربع لغات لِبَداً جمع لِبْده جماعه لُبَداً جمع لبود أو جمع لبْدْ كرهن ورُهُن لُبُده لِبْده لغتان بنفس المعنى لُبِّداً جمع لابد كركع جمع راكع وسجدْ جمع ساجد‫.‬‬‬‬
قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُوا۟ رَبِّى وَلَآ أُشْرِكُ بِهِۦٓ أَحَدًۭا ﴿20﴾ قُلْ إِنِّى لَآ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّۭا وَلَا رَشَدًۭا ﴿21﴾ قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌۭ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلْتَحَدًا ﴿22﴾ إِلَّا بَلَـٰغًۭا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَـٰلَـٰتِهِۦ ۚ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ﴿23﴾ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوْا۟ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًۭا وَأَقَلُّ عَدَدًۭا ﴿24﴾
‫﴿قل﴾ – ﴿قال﴾ قراءتان قال على الخبر ﴿قُلْ﴾ على الأمر أي قل يا محمد ﴿إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ لايدعو لنفسه لايدعو لملك يريده أو لسلطان يبتغيه أو لمال يجمعه وإنما يدعو لله قل إنما أدعو ربي الذي خلقني فهو يهدين الذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين الذي يميتني ويحيني الرب من التربية وجاء بلفظ رب لبيان معنى التربيه وهو إيصال الشيء إلى كماله شيئا فشيئا بحسب إستعداده وربنا أوصلنا لما نحن فيه لم يكن الإنسان شيئا مذكورا ثم كان نطفه ثم علقه ثم مضغه ثم خرج طفلا يحبو ثم شب ثم شاخ كل ذلك تربيه ربنا تبارك وتعالى خلق الإنسان من العدم وهو يبقيها وإن شاء يغنيها ﴿وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ أحدا من الجن أو الإنس أو الملائكة كما أشركت النصارى واليهود ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ كل ما جاء بعد كلمة قل الهمز فيه مكسور لأنه بعد القول كما أن الهمز مكسور بعد فاء الجزاء أيضا ﴿لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ جاء بكلمتين بواحده بالإسم والأخرى بالسبب أي لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا أملك لكم رشدا ولا غنيا أي لا أملك لكم ولا أستطيع لكم ضر أرتفع هدى أو ضلال جاء بكلمة الضر وأنت تعرف المقابل أي ولا أملك لكم نفع وجاء بكلمة الرشد وأنت تعرف المقابل الغي (لا املك ضرا بالكفر اي لا املك لكم ضالا ولا املك لكم مايضركم دنيا واخرى وكذلك لا املك لكم ما ينفع دنيا وأخرى وكذلك لا أملك لكم ما ينفع دنيا وأخرى ولا أملك لكم الرشد الهدايه ولا أملك لكم الضلال ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ﴾ لن يجيرني لن ينقذني لن يعصمني لن ينفعي الإجاره النصر الإجاره الولايه الإجاره التولي يجيرك ينصرك يحميك يحفظك نبينا أُمر أن يقول أن لا حافظ إلا الله ﴿أَحَدٌ﴾ أي أحد من خلقه ﴿وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ الملتحد الملجأ إلتحد لإلتجأ اللحد الشق في الأرض على جانب فألحد فلان سار جانبا مخالفا للطريق السوي فالملتحد‫:‬ الملتجأ المهرب السرب في الأرض ﴿لن أجد من دونه ملتحدا﴾ أي مهربا أو ملجأ ألتجيء إليه أو أهرب إليه وأحتمي فيه ﴿إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ﴾ (إلا) إستثناء من قوله (لا أملك لكم من الله ضرا ولا رشدا إلا بلاغا) أي لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا هدايه ولا ضلال إلا أني أملك الإبلاغ أو هو إلا بلاغا أي لن ينقذني من النار إن أرادني الله بسوء إلا أن أؤدي الرسالة التي أمرت بأدائها فهو إستثناء من قوله لن أجد من دونه متحدا إلا بلاغا أي إذا أبلغت أجارني مصداقا لقوله سبحانه وتعالى لنبيه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ ، ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ العصيان هنا بمعنى الشرك أي عصيان الدعوه للتوحيد لأن التعقيب بالخلد في النار لايكون إلا للكفار إذا ً من يعصي هنا أي يعصي الله ورسوله برفض الدعوه إلى التوحيد فيشرك أو يكفر أو قد يكون العصيان المعلوم المسلم العاصي المبتعد عن الطاعات والمرتكب للمنكرات والخلد هذا أبدا ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ ليس المقصود بها الخلد والتأبيد إنما إستثناء إلا من يتداركه الله برحمته أو بشفاعة أحد من خلقه لكن الأول أرجح لأن الكلام عن الكفر والإيمان إذا فالعصيان هنا بمعنى الشرك ورفض الدعوى للتوحيد ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا﴾ (حتى) غاية إذا رأوا ما يوعدون من العذاب في الدنيا كالقتل والأسر والتشريد كما حدث في بدر أو ما يوعدون من عذاب الآخره الكفار فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا محمد عليه الصلاه والسلام الذي جاء بخير الدارين وعز الدارين فكذبوه أم هم لأنهم كانوا يقولون له أنت ضعيف وأنت فقير وليس معك أحد ينصرك ونحن أكثر عدا ومالا وولدا فربنا يتهددهم ويتوعدهم ويقول حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا هو أم أنتم وأقل عددا هو أم أنتم، هو معه الله خير ناصر، وهو معه الملائكة والمؤمنون فهو بالملائكة وبالمؤمنين أكثر عددا‬‬‬
قُلْ إِنْ أَدْرِىٓ أَقَرِيبٌۭ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُۥ رَبِّىٓ أَمَدًا ﴿25﴾ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِۦٓ أَحَدًا ﴿26﴾ إِلَّا مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍۢ فَإِنَّهُۥ يَسْلُكُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ رَصَدًۭا ﴿27﴾ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا۟ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْءٍ عَدَدًۢا ﴿28﴾
‫﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي﴾ أي ما أدري إن بمعنى "ما" ما أدري أقريب ماتوعدون العذاب في الدنيا أو العذاب في الآخره هل هو قريب عاجل أم آجل ﴿مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا﴾ "ما" بمعنى "الذي" أي قل لا أدري أقريب الذي توعدون أم يجعل الله له أمدا آجلا معلوما وغاية ومنتهى هل هو قريب يأتي الآن يأتي في الغد‫.‬‬‬‬