القرآن الكريم / سورة الملك / التفسير المقروء

سورة الملك

لقاؤنا مع الواقيه لقاؤنا مع المانعه هي سوره من كتاب الله هي ثلاون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار يوم القيامه وأدخلته الجنة هكذا أخبرنا الصادق المصدوق يقول فيها (وددت لو أن تبارك الذي بيده الملك في قلب كل مؤمن) ويقول فيها (اذا وضع الميت في قبره أتي من قبل رجليه فقيل لاسبيل لكم عليه فقد كان يقوم بسورة الملك على قدميه فيؤتى من قبيل رأسه فيقول لسانه لاسبيل لكم عليه فقد كان يقرأ بي سورة تبارك ثم يقول هي المانعه من عذاب الله وهي في التوراه سورة الملك من قرأها في ليله فقد أكثر وأطيب وقد روى أن صاحبا من أصحاب النبي نصب خباؤه على قبر ولم يحسب أنه قبر فسمع قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي وقال يارسول الله نصبت خبائي على قبر ولم أحسب أنه قبر فسمعت قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال النبي هي المانعه المنجيه تنجيه من عذاب القبر سورة الملك سورة مكيه تعالج القضيه الكبرى ألا وهي قضية التوحيد يقول الله‫:‬‬‬‬

تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ ﴿1﴾
‫﴿تَبَارَكَ﴾ تَقَدّس وتنزَّه جل وعلا تعالى علوا كبيرا دام وثبت كما لم يزل ولا يزال تبارك‫:‬ تفاعل من البركه والبركه لها معنيان البركه هي دوام الخير ونماؤه كثرة الخير ونماؤه تسمى البركه تبارك ربنا وتعالى أي كثر خيره ونما عطاؤه وإحسانه تقدس وعلا والبركه أيضا بمعنى الدوام والثبات وكل شيء دام وثبت فقد برك ومنه برك البعير أناخ في موضعه ولم يتحرك فالبركه بمعنى الدوام والثبات تبارك الله‫:‬ دام وثبت كما لم يزل ولا يزال إذ هو الأول بلا بداية وهو الآخر بلا نهاية ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ الملك‫:‬ السلطان الملك‫:‬ القهر الملك‫:‬ نفاذ الأمر إذا فربنا تبارك وتعالى بيده ملك السموات والأرض بل بيده ملك كل شيء ينفذ فيه أمره وتجري فيه مشيئته ويسيطر عليه سلطانه والكل في قبضته وفي قهر قدرته ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قدرته تبارك وتعالى قدره غير متناهيه قدرة الله قدره أزليه فوق الخيال وفوق أوهام الفكر قدره لا يعرفها إلا القادر سبحانه وتعالى وجميع الممكنات في قدرته جل وعلا سواء فليس هناك سهل وعسير أو سهل وصعب بل كل شيء في قدرته سواء خلْق نمله كإيجاد أمه وخلق إنسان كإيجاد كافة الأكوان ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [سورة يس آية‫:‬ ٨٢] بل أمره بين الكاف والنون بغير أداه بغير جارحه بغير مساعده بمجرد نعلق الإراده وجد المراد ولايقع في ملكه إلا مايريد وهو الفعال لمايريد وتسوق الآيات أمثله لقدرة الله القوي القهار‬‬‬‬‬‬‬‬
ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًۭا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ ﴿2﴾
‫﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ قدم الموت على الحياه لأن من جعل الموت نصب عينيه كان أورع عن محارم الله أسرع في طاعة الله قدم الموت على الحياه لأن الموت أقدم فالأصل هو الموت حيث كان الكل موات والحي هو الله (كنتم أمواتا فاحياكم) فالموت أقدم من الحياه قدّم الموت على الحياه لأن أقهر وأذل ولم يطأطيء ابن آدم رأسه إلا لثلاث الفقر والمرض والموت حديث لرسول الله أذل الله العباد بالموت نعم لم يطأطيء ابن آدم رأسه إلا ثلاث الفقر والمرض والموت وإنه مع ذلك لوتاب الموا عبره عظه ومن أراد واعظا فالموت يكفيه ﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ هل الموت كائن حي؟ هل الحياه كائن؟ هل الموت مخلوق أم هو صفه أم هو شيء موجود؟ إختلف فيه العلماء وأنّى لهم أن يصلوا لحقيقة الموت وأنى لهم أن يصلوا لحقيقة الحياة قال بعضهم الموت والحياه صفتان الحياة صفه وجوديه ينشأ عنها الحي والحركه والموت صفه وجوديه تضاد الحياه أو الموت عدم للحياه عما هو من شأنها وقال بعضهم بل الموت كائن مخلوق على هيئة الكبش لا يمر على شيء ويجد ريحه إلا مات وأما الحياه فهي أنثى بل قال هي الفرس التي ركبها جبريل وركبها الأنبياء لا تمر على شيء ولا يجد شيء ريحها إلا حيا بفضل الله وهي الفرس التي كان جبريل يركبها وينزل على موسى فرأى السامري حوافرها ما تمس شيئا إلا حيا ونبت فأخذ أثر من هذه المواقع فألقاه على العجل في النار فأصبح له خوار في قول الله حكاية عنه ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [سورة طه آية‫:‬ ٩٦] والأمر فيه خلاف والله تبارك وتعالى أعلى وأجل وأعلم خلق الموت والحياه وإن كان الخبر الصحيح عن رسول الله يقول إذا دخل أهل الجنة الجنة ودخل أهل النار النار أوتي بالموت على هيئة كبش فوضع بين الجنة والنار ثم أمر به فذبح ثم نادى يا أهل الجنة خلود ولا موت يا أهل النار خلود ولا موت فهل يؤتى به على هيئة الكبش يوم القيامه فقط يمثل في هيئة الكبش أم هو كذلك؟ يعلم الله لكنا نعلم من الله العلي القدير في كلامه المنزَّل على الصادق المصدوق أن للموت ملائكة حيث يقول الله‫:‬ ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [سورة الأنعام آية‫:‬ ٦١] ويقول ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ﴾ [سورة الأنفال آية‫:‬ ٥٠] ويقول عز من قائل ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [سورة الزمر آية‫:‬ ٤٢] إذا ًفالمحي والمميت على الحقيقة هو الله وأما الملائكة فهم وسائط لتنفيذ قدر الله ملائكة الموت والملائكة التي تتوفى الإنسان ماهي إلا وسائط والمتوفى للناس على الحقيقة هو الله الحي الذي لا يموت والموت مخلوق والحياه مخلوقه والمخلوق قد يكون كائنا وقد يكون ماده وقد يكون قبسا وخلق الله كثير ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [سورة الأعراف آية‫:‬ ٥٤] هو يقول خلق الموت والحياه وإن كان بعض الناس قال خلقكم للموت وللحياهوفسرها بذلك (خلق الموت والحياه) إذا ًفالموت مخلوق وخلق الحياه فالحياه مخلوقه ومامن شيء سوى الله إلا وهو مخلوق فعل أو قول أو أمر أو حركه أو سكون أو وجود أو عدم أو موت أو حياه هو الله الخالق لكل شيء ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ يختبركم يعاملكم معاملة المختبر والله عالم من الأزل بما كان ومايكون لكن الله إذا حاسب الناس على علمه لقالوا ﴿لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ﴾ [سورة طه آية‫:‬ ١٣٤] لكنه يحاسبهم على أعمالهم فخلقهم وأرسلهم في هذه الدنيا وجعل الدنيا دار إبتلاء واختبار يحييهم فيها ثم يميتهم وجعل الآخره دار جزاء ودار بقاء ليبلوكم ليعاملكم معاملة المختلف فيظهر ما إنطوت عليه النفوس وما إنطوت عليه القلوب والصدور والله كان قادر على أن يدخل أهل الجنة الجنة بمجرد الخلق وأهل النار النار بعلمه حيث علم ماسوف يكون منهم لكنهم قد يقولون حينئذ لم؟ ولماذا؟ فأراد ربنا تبارك وتعالى أن يظهر عدله وحكمته ورحمته فخلق الدنيا وخلق الموت وخلق الحياه ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ أيكم أورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله وأوْعى لكلام الله وأحفظ لسنة رسول الله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) العزيز‫:‬ القوي الغالب المنتقم ممن عصاه لا يفوته أحد فهو الغالب القوي القاهر الغفور عمن تاب وأناب‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍۢ طِبَاقًۭا ۖ مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍۢ ۖ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍۢ ﴿3﴾ ثُمَّ ٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلْبَصَرُ خَاسِئًۭا وَهُوَ حَسِيرٌۭ ﴿4﴾
مثال آخر لقدرة الملك من بيده المُلك ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ طباقا مصدر نعت به السبع – سبع طباق – طابقها طباقا المطابقه في الأصل أن تضع الشيء فوق الشيء بحيث يطابقه تمام المطابقه طباقا جمع طبق كحبل وحبال أو جمع طبقه كرحبه ورحاب طباق جمع طبق في الأصل كان الرجل يخسف نعله فإذا جعل النعل طباقا طابقهُ جعل طبقه فوق طبقة لا تزيد ولا تنقص ربنا تبارك وتعالى يتكلم عن السموات السبع جعلها سبعا بالعدد وجلها طباقا أي طابقها طباقا جعل كل سماء مطابقه للسماء الت دونها بل مطابقه للسماء التي أعلاها وهذا الوصف لتصوره كهيئة لا يمكون أبدا إلا إذا كانت الأرض على هيئة الكره تحيطها السماء الدنيا من كل جانب كالكره أيضا كإحاطة قشرة البيض على البيض ثم تأتي السماء الثانية فتحيط بالسماء الأولى إحاطة القشر على البيض مطابقه تماما وتأتي السماء الثالثة كذلك وهلم جرا إلى السماء السابعة ويحيط بالسموات السبع أي بعد السماء السابعة يحيط بكل ذلك العرش وما السموات السبع بالنسبه للعرش إلا كحلقه في فلاه في صحراء وما بين كل سماء وسماء مالا يخطر على بال ولا عقل ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [سورة الذاريات آية‫:‬ ٤٧] ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ التفاوت‫:‬ الخلل والفوْت أصلا ً الفرجه بين الإصبعين المسافه وتفاوت الشيئان تباعد مابينهما رفات كل منهما جزء مما في الآخر فإذا تفاوت الشيئان وقلنا هذا شيء تفاوت عن الشيء الآخر ولو بعض الأجزاء وفات ما في الأول من أجزائه أو من بعض أجزائه من هذا نقول تفاوت الشيئان ﴿ماترى في خلق الرحمن من تفوّت﴾ قراءه تفوّت وتفاوت لغتان وقراءتان بمعنى واحد كتباعد وتبعّد ﴿ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت﴾ لا ترى خللا أو نقصا ما من سماء إلا وهي كاملة كأختها لا ترى خلالا لا ترى نقصا لاترى شيئا يرد البصر أو يلفت النر من نقص أو خلل أو عدم إستواء البعض أعظم البعض أجمل البعض أكبر البعض أوسع البعض يفوته ما في البعض الآخر أبدا فالكل في سواء إستواء ﴿ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت﴾ والغريب أنه قال ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ﴾ وقياس الكلام خلق سبع سموات طباقا ماترى فيها من تفاوت أو ما ترى فيهن من تفوت لكنه قال ماترى في خلق الرحمن فأتى بالمظهر مكان المضر ليدلل على أمور أولا تعظيم شأن السموات السبع ينسبتها للرحمن وعلا الأمر الثاني‫:‬ أن خلق السموات السبع من رحمة الله ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ﴾ إذا فهي مستمده من الرحمة الأمر الثالث أن في خلق السموات السبع نعم لا تعد ولا تحصى إذ الخلق لها الرحمن بذلك لذا جاء بهذا الإسم وقد يكون الكلام عن السموات السبع والمقصود بها هي السموات السبع خلق سبع سموات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت أي في السموات السبع وقد يكون المقصود في الخلْق كله ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ وانتهى الكلام ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ في أي شيء في السموات في الأرض في الأنهار في الجبال في الإنسان في الحيوان في الطيور ماترى في خلق الرحمن أي شيء من تفاوت وإن كان الأرجح أن المقصود السموات السبع لأنه بعد ذلك يقول ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ﴾ أيها المخاطب يا من تعقل الخطاب أرجع البصر كم نظرت إلى السماء كثيرا نظرت نظر العابر إرجع البصر ان وانظر وتأمل وفتش وابحث ارجع البصر إلى السماء مره ومرات ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ ارجع البصر وانظر وتأمل ودقق هل ترى من فطور الفطور الشقوق فطره وتفطر الشيء تشقق وتصدع هل ترى في السموات تصدعا هل ترى في لسموات تشققا كم من السنين مرت أرأيت تصدعا أو تشققا مهما بني الإنسان من قصور وشيدها إذا مر عليها الزمان آلت للسقوط إذا نظرت إليها رأيت تشققا وصدوعا لابد من الصيانه والموالاه وهكذا هاهي السموات السبع ارجع البصر وانظر وتأمل ودقق هل ترى من فطور تشققات أو تصدعات ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ مره أخرى ومرات والكثره‫:‬ المره من الكر والكر الرجوع على شيء بالذات أو بالفعل فالمحارب يكر أي أي يأتي على عدوه ثم ينصرف ثم يأتيه مره أخرىفالكر الإتيان على الشيء والرجوع على الشيء بالذات أو بالفعل هنا يقول الله ثم ارجع البصر كرتين هل قصدمرتين قصد التكثير كقولك اللهم لبيك وسعديك فهي مثنى ولكن يقصد مره بعد مره فربنا يقول لك ارجع البصر وانظر وتأمل هل ترى من فطور؟ لم تر شيئا ارجع مره مره ومرات لأن العيب لا يرى من أول مره ولابد للعين أن تعود مره مرت حتى يككتشف العيب إذا عليك أن ترجع البصر مره ومرات ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ يرجع إليك بصرك مذلولا ذليلا مطرودا لايرى شيئا من العيوب حسير‫:‬ منقطع كلّ وتعب من كثرة النظر والتأمل وجرّب وارجعه كرتين لابد وأن ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير خسئت الكلب أخسأه خسوءا ً طردته وأبعدته وخسأ هو نفسه وانخسأ يرجع البصر خاسئا أي مطرودا مبعدا عن أن يجد في خلق الرحمن تفاوتا أو فطورا يرجع إليك البصر خاسئا ذليلا خاشعا وكأنه مطرودا عن أن يرى شيئا يلتمسه ومن إلتمس عيبا وجده في كل شيء إلا في خلق الرحمن ما من إنسان ياتمس عيبا في أحد أو يلتمس عيبا في عمل أو يلتمس عيبا في شيء إلا وجده وقالوا قديما من إلتمس عيبا وجده إلا في خلق الرحمن من إلتمس عيبا رجع إليه بصره خاسئا وهو حسير ﴿خَاسِئًا﴾ فاعل أو مفعول أي خاسئا بنفسه أو خاسئا خسأه غيره خسأ الكلب إنخسأ بنفسه خسأت الكلب‫:‬ طردته ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ متعب حَسِرَ البعير‫:‬ تعب وكلّ وعي ولا يستطيع أن يواصل السير حسر بصره تعب من كثرة النظر أو من كثرة التدقيق فالحسير المتعب الذي كلّ الذي إستُنفذت قواه فهاهو البصر يرجع ذليلا خاشعا متعبا مرهقا كلّ وعي من كثره النظر ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ حَسَرهُ كثرة النظر أتعبه أو حسرهُ النظر أو هو نفسه إرتد حسيرا أي محسورا ويتكلم ربنا عن الملك الواسع والكرم الفيّاض‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ وَجَعَلْنَـٰهَا رُجُومًۭا لِّلشَّيَـٰطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴿5﴾
‫﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ وسميت النجوم مصابيحا لأنها تضيء لك كضوء الصباح أي إضاءه مهما زادت ومهما توسعت في الإضاءه التي جعلها ربنا في السماء الدنيا فوق الحدود ولم يتم حتى الآن إحصاء لعدد النجوم في السماء كلَّ العلماء وكلت الأجهزه ولم تستطع الأجهزه ولا العلم ولا الدول وجميع العلماء جمعيا أن يحصروا عدد النجوم فوق القدره البشريه بل عدد النجوم فوق كل إحصاء فوق كل عدد والأدهى من ذلك حجمها هذه الشمس التي تضيء للأرض في النهار وتمدها بالدفء وتجذبها وتبقيها معلقه في الفضاء تدور حولها وتدور حول نفسها هذه الشمس لو إرتفعت قليلا إلى مستوى النجوم والله ما رأتها عين من ضآلتها وصغر حجمها بل هناك من النجوم ما يفوق حجمه حجم الشمس ألف مليون مره النجم الواحد تلك مصابيح تلك زينة ترى كيف يكون المُلك إذا كانت تلك هي المصابيح فكيف يكون ما أضاءته المصابيح؟! كيف يكون الملك؟! وانظر إلى قصر من القصور وانظر إلى مسجد من المساجد تلك هي مصابيح المسجد انظر إلى حجمها وقارن هذا الحجم بحجم المسجد هل هي الأصل أم أن المسجد هو الأصل تلك هي مصابيح تلك زينة للسماء فإن كانت زينة السماء كذلك فكيف تكون السماء إذا كانت هذه هي المصابيح المعلقه في السماء الدنيا فكيف يكون السقف الذي زين كيف تكون السماء التي لم تراها عين إلى الآن وكيف تكون السموات الأخرى وكيف يكون العرش وكيف يكون الكرسي!! وإذا تخليت أو توهمت أو سارت بك الظنون في كل ذلك كيف يكون الله هو الله ليس كمثله شيء هو الله ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ غرض آخر الرجوم جمع رجم وهي مصدر عبر به عما يرجم به والرجم القذف بالمراجم الحجاره فالحجاره تسمى مراجم جعل النجوم رجوما بنفسها؟ أبدا وإلا لزالت وإنما لزات وإنما بما يخرج منها الشهب ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [سورة الصافات آية‫:‬ ١٠] إذا فالرجوم هي الشهب والشهب من الكواكب من النجوم من المصابيح جعلها زينة وجعلها رجوما للشياطين الذين يسرقون السمع ذاك في الدنيا أما في الآخره ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ أعتدنا‫:‬ أعددنا للشياطين في الآخره عذاب السعير السعير جهنم الملتهبه سَعَر النار وسعّرها وأسْعرها ألهبها وأو قدها وشدد أوارها فهي مسعوره وهي سعير كمفتوله وفتيل فالسعير جهنم التي تأجج أوارها وازداد لهيبها عن كل إدراك‫.‬‬‬‬‬‬
‫من هنا نعلم أن للنجوم ثلاثة وظائف على وجه الحصر أخبرنا بها خالقها هي زيه وهي رجوم للشياطين وهي علامات يهتدي بها الإنسان في البر والبحر ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [سورة النحل آية‫:‬ ١٦] ثلاثة أغراض للنجوم زينه رجوم هدايه ودلاله علامات يعرف بها المشرق من المغرب يعرف بها الإتجاهات ولا يزال الناس حتى يومنا هذا يعتمدون على النجوم في تحديد مواقعهم في البر والبحر وللنجوم مواقع لا تكل ولا تخل تشرق وتغرب لها مشارق ولها مغارب ورصدت وعلمت ما نراه من النجوم وليس كل النجوم ما أراد اله لنا أن نستخدمه وما سخره لنا منها إذا فمن تكلف شيئا في شأن النجوم يخرج عن هذه الثلاث فقد إفترى على الله الكذب الخالق لها يحدد وظيفتها رجوما للشياطين هداية للناس زينة للسماء الدنيا فمن زعم أن للنجوم تأثير على الناس أو عمل منجما وإبتغى حظ الناس من النجوم أو حدد أبراجا للمواليد فمن ولد في برج كذا برج كذا وابتغى الحظ والنصيب ومعرفة المستقبل أو إدعّى أن للنجوم تأثيرا فقد إفترى على الله الكذب ومن إفترى على الله الكذب فمأواه جهنم وبئس المصير ثلاث وظائف للنجوم بقول الخالق لها المسخر لها زينه رجوم هدايه ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ ليس هم وحدهم بل كذلك معهم شياطين الإنس ففي الجن شياطين وفي الإنس شياطين وكم من إنسان تتعلم منه الشياطين ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [سورة الأنعام آية‫:‬ ١١٢] لذا يقول الله تبارك وتعالى‫:‬‬‬‬‬‬
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴿6﴾ إِذَآ أُلْقُوا۟ فِيهَا سَمِعُوا۟ لَهَا شَهِيقًۭا وَهِىَ تَفُورُ ﴿7﴾ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلْغَيْظِ ۖ كُلَّمَآ أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌۭ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌۭ ﴿8﴾ قَالُوا۟ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌۭ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِى ضَلَـٰلٍۢ كَبِيرٍۢ ﴿9﴾ وَقَالُوا۟ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىٓ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴿10﴾ فَٱعْتَرَفُوا۟ بِذَنۢبِهِمْ فَسُحْقًۭا لِّأَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴿11﴾
‫﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ فهم مجموعون مع الشياطين جعل النجوم رجوما في الدنيا وأعتدنا لهم في الآخره عذاب السعير وللذين كفروا بربهم كذلك أيضا عذاب جهنم وما أدراك ما جهنم أعاذنا الله منها ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي بئس المرجع والنهاية إذ لانهاية بعدها آخر محطه آخر مرحله للكافر جهنم ليس بعدها مراحل خلود ولا موت وليس بعدها حياه وليس بعدها موت لايخفف عنهم من عذابها ولا يموتوا ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ [سورة فاطر آية‫:‬ ٣٦] ويوصف لنا كيف يكون حالهم كيف يدخلونها وكيف تستقبلهم هل تعقل؟ إي تعقل هل تتكلم؟ نعم تتكلم يقال لها هل إمتلأت وتقول هل من مزيد تتكلك هل تبصر؟ نعم ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [سورة الفرقان آية‫:‬ ١٢] تبصر وتسمع وتتكلم وتتنفس وأذِن الله لها في نَفَسَيْن في هذه الدنيا نعم إذا ألقوا فيها سمعوا لها تغيظا وسمعوا لها زفيرا وفارت لهم كما تفور القدر بما فيها فإذا هم يفورون في النار كما يفور الحب القليل في الماء الكثير ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ﴾ أنكر الأصوات في الحمير صوت الشهيق ﴿إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ [سورة ‏لقمان‏ آية‫:‬ ١٩] ذاك هو الشهيق إذا ألقوا فيها إذا ًفهم لن يدخلوها بل يلقون فيها إلقاءا كما يلقى الحطب في جهنم وكأن الزبانيه تلقيهم كما يلقى الحطب إذا ألقوا فيها سمعوا لها تشيقا صوت أعاذنا الله جمعيا منه ونسأله بعزته وقدرته ألا نسمعه ولا نحسه وأن نكون من الذين سبقت لهم منه الحسنى ونكون عنها مبعدون لا نسمع حسيسها ونكون فيما إشتهت أنفسنا خالدون ﴿سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ﴾ الفَوْر‫:‬ الغلبان ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ أي تتميز والتميز الإنفصال والتقطع وتخيل جهنم مغتاظه من الكفار مغتاظه؟ أتحس؟ علمنا أنها ترى وتسمع وتعقل وترد وتتكلم أتشعر؟ والغيظ أشد الغضب إذا بلغ الغضب مداه سمي غيظا فمن شدة غيظها تكاد تتقطع تنفصا وتنفصم عراها وتتقطع جزءا جزءا وتنفصل عن بعضها تتميز‫:‬ تنفصل تخيل جهنم من شدة الغيظ يكاد ينفصل بعضها عن بعض ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ تغتاظ من هؤلاء الكفار ولم تغتاظ؟ نعم خلقت من الغضب ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ الفوج‫:‬ الجماعة وكأن الكفار ويلقون أفواجا ليس فردا بل أفواجا كما يفعل موقد اللهب وموقد النار يأخذ بالجاروف بالمجرفه فيجرف الحطب ويلقيه في النار ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ زبانية جهنم سؤال تقريع سؤال توبيخ سؤال لايفيد إذ لا إجابه له ﴿سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ هل يريدون أن يعلموا أجاءهم نذير أم لا هل هم محتاجون للإجابه هل يسألون سؤال طالب علم ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ أم أن السؤال سؤال توبيخ وتبكيت وتقريع ولوم ألم يأتكم نذير كيف دخلتم إلى هذه النار كيف دخلتم أظلمتم؟ هل ظلمكم الله؟ ألم يأتكم نذير ويعترفون ويقرون ويرجعون على أنفسهم بالملامه ويندمون حيث لا ينفع الندم اللهم إكفنا شر الندم وهل للكفار إجابه؟ نعم وأي إجابه!! يحي لنا عنهم إذا ألقوا فيها سمعوا لها شيقا وهي تفور ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ أو شكت أن تتقطع تكاد أوشكت تتميز تنفصل وتنفصم عراها وتنقطع قطعا قطعا تتفجر ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ فردوا عليهم وقالوا ﴿بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا﴾ أي جاءنا رسول والنذير بمعنى الجمع أو هي مفرد بمعنى كل أمه جاءها نذير ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [سورة فاطر آية‫:‬ ٢٤] قالوا بلى وأجابوا ببلى لأن "بلى" كلمة إجابه كنعم ولكنها تجيب عن سؤال بديء بالنفي ألم جاء في السؤال لم وهي كلمة نفي فكل سؤال بدي بنفي يجاب عليه ببلى ألست بربكم قالوا بلى ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ إعترفوا شهادة منهم بعدل الله وأن ربك ماهو بظلام للعبيد نعم ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [سورة الإسراء آية‫:‬ ١٥] ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا﴾ كذبوا الرسل أقروا واعترفوا ﴿وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ إعترفوا بثلاثة أمور الأمر الأول أنهم جاءهم نذير والأمر الثاني أنهم كذّبوا هذا النذير الأمر الثالث أنهم تجاوزوا تكذيب الرسول ونفوا أن يكون الله قد أنزل ذكرا أصلا نفوا رسالات السماء كلها قالوا ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا﴾ ذاك الأمر الأول كذبوا النذير ﴿وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ إذا ًفقد كذبوا النذير أولا وادعوا أنه كاذب كذبوه ولم يصدقوه ثم إدعوا أن الله ما أنزل رساله وما أرسل رسولا لا في عصرهم ولا قبل عصرهم ولم يحدث ذلك على الإطلاق فافتروا على الله الكذب حتى فيما لا يعرفوه من الأزمان الماضية التي لم يشدوها ولم يحضروها ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ بتانا قطعوا بذلك ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ أساءوا إلى الرسل أيضا وإتهموا الرسل الذين يهدونهم إلى الله الذين يخرجونهم من الظلمات إلى النور إتهموهم بالضلال وصموهم بما فيهم هم ضلوا فاتهموا الرسل بالضلال منتهى الإفتراء منتهى البهت والبهتان أن تلصق مافيك في غيرك ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [سورة النساء آية‫:‬ ١١٢] هؤلاء ضلوا فاتهموا الرسل بالضلال الذين يخرجونهم من الظلمات إلى النور بغير أجر ﴿وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ [سورة هود آية‫:‬ ٢٩] إعترفوا وقالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا مانزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ﴿قَالُوا﴾ وهنا الإعتراف والملامه والندامة ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ إعترفوا على أنفسهم شهدوا لله بالعدل وشهدوا للرسل بالإبلاغ كل ذلك وهم في جهنم وهم ملقون فيها أما قبل ذلك فلهم مواقف أخرى وكلام آخر حيث يحلفون ما جاءهم من بشير ولا نذير ﴿ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ يكذبون على الله هم يختم على أفواههم وينطق جلودهم وهكذا أما حين يلقون في جهنم ويعاينوها وتتغيظ ويسمعون لها الشهيق هنا وهنا فقط يقولوا ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ﴾ نسمع سماع واع منتفع ألقى السمع فهم عن المتكلم ﴿أَوْ نَعْقِلُ﴾ نتدبر ونتأمل ونتفكر رزقهم السبع فصُّموا ورزقهم العقل فأتلفوه غطوا وصموا آذانهم وصموا عقولهم عن السماع وعن الفهم وعن الإنتفاع هنا إعترفوا لو كنا نسمع أو نعقل ﴿مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ﴾ الإعتراف بذتبهم مصدر أو هو مفرد إذ لا ذنب بعد الكفر أي إعترفوا بكفرهم فليس بعد الكفر ذنب ﴿فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ جمله دعائيه يدعى عليهم بذلك وكأن الذي يدعو عليهم ربنا الذي يحقق الدعاء ويستجيب دعاء من دعاه يعلمنا كيف ندعو أو هو دعاء عليهم ﴿سُحقا ً﴾ السُحْق والسُحُقْ لغتان بمعنى الإبعاد (فسُحْقا ً فسُحُقا) قراءتان سحق يسحق سحقا وسحقوقا وأسحقه الله أبعده سحيق وسحق يسحق بعد ﴿فسُحْقا ً لأصحاب السعير﴾ دعاء عليهم بالإبعاد من رحمة الله تبارك وتعالى ايها الاخ المسلم مهما تكلمنا عن مشاهد يوم القيامه ومهما تكلمنا عن صنوف العذاب والألم في رأبى أعتقد أن أشد ألوان العذاب وأتكاها البعد عن الله ومن أنكى الأمور أن ترى أهل النار يخاطبون الزبانيه ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب يدعون ويخاطبون الملائكة والملائكة تخاطبهم ويجأرون بالدعاء إلى الله حيث قالوا يا مالك زعيم الخزنه رئيس الحرس يامالك ليقض علينا ربك وتوجههم الملائكة (ادعوا) وربنا يقول ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [سورة غافر آية‫:‬ ٥٠] فيصطرخون إلى الله أخرجنا منها نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل وهذا الكلام يعطيهم فيما أرى وأعتقد بعض الأنس فجهنم مظلمه ظلام لا ترى مثله نار مظلمه لا ظليل ولا يغني من اللهب حين ينادون ويصطرخون يرد عليهم ربنا في آخر كلام معهم ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [سورة المؤمنون آية‫:‬ ١٠٨] أنكى موقف وأصحب ألم وأمر عذاب حيث الخصام من الرحمن اخسأوا فيها ولا تكلمون وهنا ينتهي كلام الله معهم‫.‬ بينت سورة تبارك أن الملك لله وأن التدبير لله وأن السلطان لله وحذرت وأنذرت وحكت لنا أقوال الكافرين يوم القيامه وكيف تتلقاهم جهنم بالشهيق وكيف يلقون فيها فيذوقون عذاب السعير وكيف اعترفوا بذنبهم ورجعوا على أنفسهم بالملامه وندموا حيث لا تنفع الندامه وبضدها تتميز الأشياء فيقول الله مبشرا مثنيا على عباده‫:‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌۭ وَأَجْرٌۭ كَبِيرٌۭ ﴿12﴾
‫﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ يخافونه ولم يروه يؤمنون به ولم يروه هم على طاعته دائما وأبدا يذكرونه آناء الليل وأطراف النهار يخشونه بالغيب بما خفى عنهم ألا وهي القلوب خفيت عنا سرها مع الله ولكنهم يخشون الله بقلوبهم التي خفيت عليهم ﴿يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) يخشون عذابه وقد غاب العذاب عنهم فلم يروه ولم يعاينوه صدقوا الرسول فيما أخبر به عن ربه فخافوه وخشوه خافوا الله ولم يروه خافوا العذاب ولم يعاينوه بل هم أيضا يخافون ربهم وهم غائبون عن أعين الناس في خلوتهم أشد خوفا لله أشد ركوعا وسجودا لله أشد خشوعا وتذللا لله تراهم على جنوبهم وهم قعود وهم قائمون وفي كل حال كما كان النبي يذكر الله على كل أحواله هؤلاء الذين يخشون ربهم بالغيب ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ وعد من الله بتكفير سيئاتهم يغفر صغائرهم بإخراجهم من هذه الدنيا وليس عليهم شاهد بذنب ولهم أجر كبير لا يعرفه إلا هو سبحانه الذي أعد لهم هذا الأجر الذي مهما خطر على البال فهو وراء الخواطر وراء الخيال وأعد الله لهم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ إذا فكل شيء في هذه الدنيا بالنسبه لهذا الأجر صغير إذا كان هذا الأجر هو الكبير فكل ما عداه من زينة الدنيا وزخارفها صغير زائل لا عمر له ولا بقاء له ويتوجه الخطاب للناس كافة‫:‬‬‬‬
وَأَسِرُّوا۟ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُوا۟ بِهِۦٓ ۖ إِنَّهُۥ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴿13﴾
وإن كانت الآية قد نزلت بسبب وهو أن أناسا من قريش كانوا يقعون في النبي ويتحدثون في شأنه بالتكذيب والإستهزاء فكان جبريل ينزل عليه يخبره فيفضحهم القرآن فقال بعضهم لبعض هلم بنا نتكلم سرا حتى لا يسمعنا رب محمد جهاله وسفاهه أرادوا أن يسروا القول ويتكلموا بصوت خافت حتى لا يسمعهم رب محمد فيخبره فنزل قول الله ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ اللفظ لفظ الأمر وأسروا والمراد به الخبر أي إن أسررتم وإن أخفيتم حديثكم أوو جهرتم بهذه الأحاديث يستوي كل ذلك لأن الله يعلم ماهو أخفى من السر ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ عليم بما إنطوت عليه القلوب عليم بالخفايا وعليم بالنوايا والآية نزلت في هؤلاء المشركين تبكتهم لكنها عامة لكل الناس واللفظ لفظ الأمر والمراد به الخبر‫.‬ ويأتي الدليل والإستفهام التقريري
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ﴿14﴾
‫﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ "من" إن شئت جعلتها إسما للخالق ويكون المعنى ألا يعلم الخالق؟ الخالق لا يعلم؟ لابد وأن يعلم الخالق ما يخلق لابد وأن يعلم خلقه السر مخلوق وخالق السر الله ألا يعلم السر من خلق السر؟ ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ أي أَلَا يعلم الخالق وإن شئت جعلت "من" إسم للمخلوق ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ أي أَلَا يعلم خلقه هل خلقهم ولا يعلم عنهم شيئا كيف يكون ذلك؟ ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ أي ألا يعلم الله و"من" إسم للذات العليه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ ألا يعلم خلْقه ومن إسم للمخلوق هل يعقل أن يخلق الخالق خلقا لا يدري عنه شيئا الكلام من الذي خلق الكلام؟ الله والكلام منه الجهر ومنه السر من الذي خلق الجهر ومن الذي خلق السر؟ الله فكيف لا يعلم السر وهو خالق السر هو يعلم القلوب وما إنطوت عليه القلوب ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ اللطيف‫:‬ العالم بدقائق الأمور العالم بمصالح الخلائق العالم بما ينفع وما يضر الخبير العالم بما سوف يكون من قبل أن يكون فهي خبره والعليم يعلم الظواهر والخبير يعلم الخفايا وإن كان العليم بالأمور يدل على العلم بما كان فالخبير بالأمور يعلم من الأمور ما سوف يكون ويمنّ الله على عباده ويدلل على قدرته وعظيم حكمته ويؤكد على وحدانيته فيقول‫:‬‬‬‬‬
هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًۭا فَٱمْشُوا۟ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا۟ مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ ﴿15﴾
‫﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ هو هو الله وليس هذه الأصنام والتماثيل والأوثان الذي جعل لكم الأرض ذلولا مذللة لينه سهله من الذل والذل سهولة الإنقياد واللين فما تذلل لك سهل عليك قياده ولان لك جعل لكم الأرض ذلولا مذلله سهله لينه إشاره إلى تمكين الخلق من الأرض في البناء عليها الحفر فيها واستخراج المعادن غرس الأشجار حفر الآبار كل شيء في هذه الأرض مذلل مسهل لابن آدم ولو كانت حزنه غليظه لا متنع علينا التسخير فيها أو المشي بل هي سهلة الإنقياد لينه أردت الحفر لانت لك أردت البناء عليها طاعت لك أردت غرس سمعت أردت حفر أطاعت كل شيء مذلل لين ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ فعل أمر ولكنه أمر إباحه من شاء فليمشي ومن شاء فليقعد وليس أمرا ً على الإيجاب أمر إباحه أو هو خبر بلفظ الأمر أي لكي تمشوا فيها فامشوا في مناكبها المناكب الأطراف المناكب الطرق المناكب الفجاج المناكب الجبال والأصل منكب الرجل ومنكب الرجل جانبه وحين يقول فامشوافي مناكبها إشارة إلى غاية التذليل والمبالغه في هذا التذليل لأن منكب لا يمكن أن يركب عليه الراكب أو يرقاه الراكب يستحيل أن يركب على منكب البعير فإذا كانت مناكب الأرض قد ذللت إذا ًفكل ما سوى ذلك مذلل سهله لين ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ غاية في التذليل إشاره إلى أن ما يستحيل ركوبه قد ذلل في الأرض إذا فكل ما سوى ذلك أشد تذليلا وأشد سهوله وليونه ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ إذا ً فكل ما في الأرض من أرزاق هو الذي خلقها وأوجدها وقدّرها كلوا من رزقه هو الذي يرزقكم لا بعملك ولا بكسبك ولا بكذبك ولا بعرقك بل قدّر الله في الأرض أقواتها سواءا للسائلين من قبل أن يخلق آدم فالأرزاق مقدره ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [سورة الذاريات آية‫:‬ ٢٢] ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ البعث والحشر والنشر والآية تشعر رغم إمتنان الله علينا بتسهيل الأرض تليلها وبالإباحه لنا في المشي تشعر بوجوب التسبب إذ الأخذ بالأسباب مطلوب تشعرنا الآية بوجوب التسبب أي الأخذ بالأسباب حيث يقول ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ فلا يقعدن أحدكم عن الرزق ويقول اللهم ارزقتي اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضه وقد مر عمر بن الخطاب على قوم جلوس فقال من انتم قالوا نحن المتوكلون قال بل أنتم المتواكلون المتوكل رجل ألقى حبه في الأرض ثم توكل على ربه عز وجل إذا فالآية تشعر بوجوب التسبب ووجوب الأخذ بالأسباب ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ تشعر أيضا بأن السعي في الدنيا لا يجب أن يكون جريا أو مسارعه أو منافسه بل بهدوء وسكينه وتوكل على الله لأنه قال فامشوا ولم يقل فأسرعوا أو سارعوا ولم يذكر لنا تنافسا في هذا المشي كما ذكر في السعي للآخره حيث قال ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [سورة آل عمران آية‫:‬ ١٣٣] وقال ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [سورة الحديد آية‫:‬ ٢١] وقال ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [سورة المطففين آية‫:‬ ٢٦] إذا فالسعي للآخره بالتشمير وبذل الجهد والعمل حسيسا والتنافس على الخير أما في أمور الدنيا فبهدوء وسكينه ويمشي وبالأخذ بالأسباب أيضا تشعرك الآية بأن مهما حصّلت في هذه الدنيا ومهما جمعت منها ومهما سعيت فيها ومهما مشيت وارتزقت فلها نهاية إذ إلى ربك البعث والحشر والنشر حيث يسألك عما فعلت من أين إرتزقت وفيما أنفقت فلا تنس وأنت تسعى في الدنيا أنك راجع إلى الله يسألك عن عمرك وشبابك ومالك ودينك وعملك فيذكرنا بذلك ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ ثم يهدد ويتوعد المشركين الكفار فيقول‬‬‬‬‬‬
ءَأَمِنتُم مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلْأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ ﴿16﴾ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًۭا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴿17﴾ وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿18﴾
تهديد شديد ووعيد ولكن الآية من المتشابهات التي أمرنا أن نكل العلم بها إلى الله فهي من المشابهات لأنه يقول ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ وقد سارت القرون الثلاثه الأولى قرن الصحابه وقرن التابعين وتابعي التابعين على إمراو المتشابهات كما جاءت على مواردهت مع تنزيه المولى عز وجل فليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقد تكلم العلماء في هذه الآية فمنهم من تركها تمر ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ آيات فيها التهديد والوعيد بخسف الأرض تهديد بعذاب أرضي شديد كما حدث لقارون حيث خسف به وبداره الأرض ومنهم من أول فقال ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ جبريل هو المرسل بالعذاب هو الي إقتلع قرى لوط وقلبها هو الذي أرسل الطير الأبابيل على أصحاب الفيل ءأمنتم من في السماء جبريل أن يخسف بكم الأرض بأمر الله ءأمنتم من في السماء الملائكة الموكلون بتدبير هذا العالم فهم في السماء والإشاره إليهم ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ وليست الإشارة إلى الله لأن الله لا يحويه مكان ولا يحده زمان فقد كان قبل خلق المكان والزمان وهوالآن على ما عليه كان ﴿مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ جبريل الملائكة سلطانه وقهره قوته وقدرته إشاره إلى الله لكن ليست للذات العليه وإنما للقهر والقوة والسلطان وقال بعضهم ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ في تأتي في القرآن بمعاني أخرى في بمعنى فوق كقوله عز وجل ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [سورة التوبه آية‫:‬ ٢] في الأرض في داخلها أم عليها على سطحها أي فسيحوا على الأرض فإن كانت كذلك ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ أي ءأمنتم من فوق السماء والفوقيه هنا دون مماسه أو تحيز وإنما فوقيه السلطان فوقيه القهر تنزيها للمولى عز وجل عن السفلى وعن التحت أي أن الله الذي هو فوق كل شيء وفوق السموات السبع هو القادر على أن يخسف بكم الأرض وليست هذه الآلهة التي تعبدونها في هذه الأرض وقال بعضهم ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ "في" بمعنى "على" ليست بمعنى فوق لقول الله حكاية عن فرعون حيت هدد السحره ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [سورة طه آية‫:‬ ٧١] أي على جذوع النخل وليس في داخل الجذع وأمنتم من في السماء أي ءأمنتم من على السماء وعلى السماء هنا بمعنى السيطره والحكم والتدير لقولهم فلان على الحجاز أي واليا عليها وفلان على العراق أي أميرا عليها ءأمنتم من على السماء أي هالكا مدبرا مصرفا مالكا لها متحكما فيها وأهلها وكل الأقوال سواء كانت أقوال العلماء الذين أوّلوا الآية أو الذين فسروا معنى في كلها تنزه الله عن حدود المكان وعن الإختصاص بالجهات لأن الجهات من خلقه وإيجاده ولم تكن هناك جهات قبل الخلق وقد كان في أزله غي محتاج للمكان غير محتاج للزمان فكل الأقوال تشير إلى تنزيهه عز وجل عن المكان والزمان وعن الإختصاص بالجهات وعن المماسه والحلول من كل الصفات الأجسام إذ هو سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والهدف من الآيات والكلام عمن في السماء إشعار السامع بأن الله له العلو المطلق لأن الله فوق السماء جنته وعرشه وتنزه الآيات المولى عز وجل عن السُفل والتحت لأن أصنامهم وآلهتهم هي في الأرض وليست في السماء واختص ربنا السماء بالذكر للإشاره إلى أن ملكه وإن كان في السماء وفي الأرض وفي كل مكان إلا أن هذه السماء التي إختصها بالذكر مهبط الوحي ومسكن الملائكة ومزل المطر وإليها ترفع الأعمال والسماء قبلة الدعاء كما أن الكعبه قبله الصلاة فأنت إذا صليت إتجهت إلى الكعبه فهي قبلتك في الصلاة والصلاة لله وليست للكعبه وإنما الكعبه قبله للصلاة والقلب ساجد لله وليس للكعبه وكذلك السماء قبلة الدعاء وليست مكانا لله بل هي قبلة الدعاء ترفع إليها الأيدي لأن إليها ترفع الأعمال وفوقها جنة الرحمن ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾ تنفتح وإذا الناس في الأرض تغرق وتنزل وترتفع عليهم الأرض وتدفنهم وهم أحياء كما فعل بقارون تهديد بعذاب أرضي شديد ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ جبريل أو الملائكة ومن في السماء سلطانه وقهره وقال بعض الناس ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ أي ربنا في السماء وذاك خروج على النصوص وإبتعاد عن السنَّه ووصف لله بما لا يليق ﴿فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ الموْر‫:‬ التردد الموْر‫:‬ الذهاب والمجيء الموْر الحركة والإضطراب فإذا خُسفت الأرض وانشقت ونزل ما عليها إلى جوفها علت هي على مانزل فيها فإذا هي تضطرب وتمور‫.‬‬‬‬‬‬‬‬
‫﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ بعد التهديد بالعذاب الأرضي الشديد هاهو تهديد بعذاب سماوي أشد كما فعل بقوم لوط كما فعل بأصحاب الفيل الحاصب الحجاره الحصباء الحجاره الصغيره أي يرسل سحابا فيه حصباء أو يرسل ريحا فيه خصباء أو يمطر عليكم حجاره من السماء وهي مسوّمه عند ربك للمسرفين ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ قراءتان وقرأت نذيْر وقفا ونذيري وصلا وقرأت نذير وقفا ووصلا (ءأمنتم) قرأت بإظهار الهمز وقرأت بتسهيل الهمزين وقرت بتسهيل الأولى وقرأت بتسهيل الثانيه قراءات ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ فستعلمون حين تعاينون ستعلمون حين يحدث ستعلمون كيف كان نذير كيف نذيري أي إنذاري لكم بالعذاب حين ترون المنذر به ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ والإشاره للقرون الماضيه وكلهم يعرف عنها ويعرف تاريخا قوم لوط قوم عاد قوم هود وقارون أصحاب الفيل كل ذلك حادث وقد سمعوا به وعاينوه ولقد كذب من قبلهم كما كذب قوم محمد من أهل مكه ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ فكيف كان نكيري وقرأت كنذير نكير وقفا ووصلا نكير وقفا نكيري وصلا نكيري وقفا ووصلا فكيف كان نكير أي إنكاري عليهم أنكر عليهم فماذا فعل؟ أهلكهم إستأصل شأفتهم لم يدع منهم شارده ولا وارده ثم يلفت النظر سبحانه وتعالى إلى آية من آياته‫:‬‬‬‬
أَوَلَمْ يَرَوْا۟ إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰٓفَّـٰتٍۢ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحْمَـٰنُ ۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَىْءٍۭ بَصِيرٌ ﴿19﴾
وكأن الله يقول لنا أرأيت السماء سبع سموات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور أرأيت الأرض كيف ذللت للناس وسهلت كي يمشوا في مناكبها ويأكلوا من رزقه أرأيت مدبر السموات ورفعها بغير عمد أرأيت مذلل الأرض ومثبتها بالوتد أرأيت ذلك كله كذلك إذا نظرت إلى الهواء تجد أن الله سخره ذلله وسهله لمخلوقاته سهله للطيور كما سهل للناس للناس ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ باسطات أجنحتهن ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾ يضم الطائر جناحيه إلى جنبيه ويحركها إستظهار للتحرك أو للراحه وقال في الآية باسطات وقال يقبض ولم يقل وقابضات تحول من صيغة الإسم إلى صيغة الفعل ليبين لك أن يبسط للأجنحه أصل في الطيران والحركة عارض فقال ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ إسم إذا ً فهذا هو الأصل في الطيران وهذا هو ما هيء له الطير ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾ فعل عارض يفعله الطائر في بعض الأحيان وليس ذاك أصلا في الطيران ولو إلتفت لها المسلمون من قرون لكانوا أول من إخترع الطائرات حيث الطائرات منبسطه غير متحركه ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ﴾ في الحالين حالة البسط وحالة القبض ما يمسكهن في الهواء بالخلاف للسنه الكونيه حيث كل شيء ألقى في الهواء يقع على الأرض بفعل جاذبيتها ذاك أو تلك المخالفه للعاده والسنه الكونيه من الذي فعلها؟ ما يمسكهن في الهواء فلا يقعن في حالة البسط والقبض إلا الرحمن وقال الرحمن ليشعرك بأن خلق الطير من رحمته وتهيئه الطير بهذه الخواص من رحمته فأعطاه قوة إبصار غير موجوده لدى الناس والوحوش أو الحيوانات فقوة إبصار الطيور أقوى من أي بصر لأي مخلوق لأنها مخلوق في العلو الشاهق بعينها ترى رزقها وإن صغر ودق متنزل إليه سواءا كان الرزق في الماء فإذا بها تنزل إلى الماء ويخرج منقارها بسمكه لا يخرج فارغا أبدا وإن كان رزقها ما تحت الأرض من دود وجدته يهبط ويهوي إلى الأرض وينقر في الأرض ويخرج بدوده ولا يمكن أن يخرج فارغا أبدا وهكذا أو على سطح الأرض قوة إبصار ورزقها بالأجنحه ورزقها بالريش ورزقها بالذيل يوجهها يمينا وشمالا بذيلها تتوجه يمنه ويسره بالأجنحه ترتفع وتهبط إذا فقد خلقها ةأعطى كل شيء خلقه ثم هدى هداها للإستعمال فتجد العصفور يخرج من بيضه فيطير بغير تعليم يعرف كيف يستخدم أجنحته يعرف كيف يستخدم ذيله نعم ما يمسكهن إلا الرحمن ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ يخلق العجائب ويدبر الغرائب إنه بكل شيء بصير‫.
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ جُندٌۭ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ۚ إِنِ ٱلْكَـٰفِرُونَ إِلَّا فِى غُرُورٍ ﴿20﴾ أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُۥ ۚ بَل لَّجُّوا۟ فِى عُتُوٍّۢ وَنُفُورٍ ﴿21﴾
حين هددهم ربنا بعذاب أرضي كخسف الأرض وهددهم بعذاب سماوي كإرسال الحاصب إن أراد ذلك هل هناك جنودا أو جيوشا تمنعكم أو تنصركم ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ﴾ ولفظ جند وإن كان يدل على الجمع إلا أنه يوحَّدْ لذا قال هذا ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ﴾ أي جيوش وجنود مجنده تحميكم أو تمنعكم أو تنصركم أو تمنع عنكم العذاب ﴿يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ﴾ أي من سوى الله وجاء بلفظ الرحمن أيضا لأن الله برحمته أجَّل لهم العذاب وأمهلهم وخاطبهم وأنزل القرآن وأرسل الرسل وأنزل الكتب وهاهو يسوق الآيات والدلائل على وحدانية وعلى قدرته آية وراء آية آيات ودلائل وصور ومناقشات ومجادلات بالحسنى وتفهيم وتعليم إمهال لا يكون إلا من الرحمن ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ غرّهم الشيطان بطول الأجل غرهم بالأمل ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [سورة النساء آية‫:‬ ١٢٠] ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ جاء بذكر الرزق وقال جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها إن شئتم وابتغوا الأسباب وابتغوا الرزق الذي خلقه وقدره وأوجده في الأرض فأنت تزرع في الأرض من أين جئت بالحب؟ من الأرض من الشجره ومن الذي خلق الشجره؟ الله من أين جئت بالبهائم التي تذبحها؟ من أين جئت باللبن؟ من أين جئت بالغذاء؟ أي غذاء على الأرض هل صنعه الإنسان أو وجده؟ وجده خلقه الله فإن أمسك الله الرزق إن أمسك المطر إن إمسك جريان الماء في الأنهار فجفت إن أمر الأرض فلم تنبت من يرزقكم إن أمسك رزقه ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ﴾ رغم الآيات ورغم الدلائل ورغم هذه الرحمة ورغم الصبر والحلم من سيد الخلائق ورغم الإمهال من الله لجُّوا في عتور ونفور الجاج تفحم الأمر مع شدة الصوارف عنه والأصل في الكلمة اللجه وهي الماء المضطرب فإذا رأيت إنسانا دخل في شيء ومن المفروض ألا يدخل وهناك صوارف ومحاذير ومع ذلك يركب رأسه ويدخل في الأمر ويتقحم في ذل الأمر تقول ألّج فهؤلاء لجًّوا جادلوا وحاوروا وتكلموا وكذبوا وأغرقوا أنفسهم في لجه من التكذيب والكفر والإسفاف والإسراف لجوا في عتو طغيان عَيَى يعتو عتوا ً وعُتيا ً طغى وتجبر وتجاوز كل الحدود ﴿وَنُفُورٍ﴾ إبتعاد عن الحق إبتعاد عن الطريق المستقيم إبتعاد عن المكنق إبتعاد عن ما ظهر لكل شيء ثم يضرب الأمثال للكافر والمؤمن‬‬‬
أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِۦٓ أَهْدَىٰٓ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ ﴿22﴾
المكب‫:‬ المقلوب المنكس الرأس كبَّهُ وأكبَّه قلبه وصرعة فالمكب هو الذي إنحنى ونكس رأسه فلا ينظر يمنه ولا يسره لا ينظر أمامه ولا ينظر خلفه بل نظره على الأرض يتعثر كلما عيش يقع كلما يخطر يتعثر لاينجو من العثار أبدا ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى﴾ أرشد يمكن له أن يصل إلى غرضه أدل على الطريق أعرف بالطريق الذي يمشي فيه هو أمن يمشي سويا معتدل القامه رافع الرأس ينظر أمامه وفي كل الإتجاهات فيرى كل شيء يمشي سويا على صراط مستقيم طريق ممهد سهل لين والغريب في الآية أنه شبّه الكافر والمؤمن بسالكين لطريق أما طريق الكافر فهو طريق وعر مرتفع ومنخفض وبه الحفر وبه وبه وأما طريق المؤمن فهو طريق منير واضح مستوي مستقيم لكنه لم يأت بذكر الطريق للكافر ليشعرك بأن ماعليه الكفار لايصح أن يسمى طريقا أصلا فقال أفمن يمشي مكبا على وجهه فقط واكتفى بذكر الإنكباب لبيات أن الطريق وعر إن كان هناك طريق إن صح أن صح أن يطلق عليه كلمة طريق ﴿أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ لوسكت لكانت المقارنه هذا يمشي مكب وهذا يمشي سويا ثم قال على صراط مستقيم فذكر طريق المؤمن ولم يذكر طريق الكافر لأن المؤمن له طريق وأما الكافر فلا طريق له ولا يصح أن يطلق عليه طريق لفته في الآية ينتبه إليها المتأملون والفاهمون في اللغة والآية أيضا تشعر بأن الكافر أكب في الدنيا على المعاصي فكبه الله على وجهه في جهنم ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ [سورة القمر آية‫:‬ ٤٨] أما المؤمن فيمشي على الصراط سويا فيجنازه ويمر عليه مر الريح أو مر البرق أو مر الراكب المسرع سالما آمنا إلى جنة ذات أنهار وتمر أفمن يمشي مكبا على وجهه في الدنيا يكب على وجهه في الآخره أمن يمشي سويا في الدنيا على صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات والأرض فإذا مشى على صراط الله في الدنيا مشى على الصراط سويا يوم القيامه يخشى ولا يخاف هو الرحمن الهادي إلى سواء السبل هو الذي جعل لنا هذا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ذاك الصراط الذي ندعو الله تبارك وتعالى في كل يوم وفي كل صلاه وفي كل فاتحه اهدنا الصراط المستقيم تتوالى الآيات من سورة تبارك من سورة الملك من السورة الواقيه المنجيه المانعه تتوالى الآيات تمتن على العباد تدلل على وحدانية الله وقدرته ورحمته بعباده يقول الله تبارك وتعالى‬‬‬‬
قُلْ هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَـٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۖ قَلِيلًۭا مَّا تَشْكُرُونَ ﴿23﴾ قُلْ هُوَ ٱلَّذِى ذَرَأَكُمْ فِى ٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿24﴾
‫﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ﴾ والخطاب للنبي قل يا محمد لهم هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئده ليست هذه الأصنام والأوثان ليست هذه الحجاره ليست هذه الآلهة المتعدده التي تسجدون لها وتقدمون لها القرابين بل هو الله هو الذي أنشأكم من العدم أوجدكم من لا شيء وإن كانت الأسباب ترى الآن بالزواج بين الرجل والمرأه وإنما لابد أن يكون لكل شيء أول وبدايه وفبداية الخللق إنسان بغير أب وبغير أم إذا فلابد وأن يخلق وينشأ من العدم ألا وهو آدم لقد أنشأنا ربنا من العدم وإذا نظرت إلى الأسباب فانظر كيف كنت طفلا تحبو كيف حملت بالسرور والوجوه ضاحكه كيف حملنا وخرجنا إلى الدنيا لا نسمع ولا نبصر ولا نعقل كيف خرجنا إلى الدنيا وقد سمّنا غيرنا ولم نختر أسماءنا كيف كنا في البطون وكيف غذينا ونحن في بطون أمهاتنا أنظر هو الذي أنشأكم سبحانه وتعالى ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا﴾ والسمع جمع وإن كان اللفظ مفردا إلا أنه يعني به الجمع جعل السمع وجعل البصر وجعل الفؤاد ألا وهو القلب العاقل القلب الذي يعقل القلب الذي يختار بين البدائل ويصحح خطأ الحواس وخص ربنا هذه الأشياء بالذكر السمع والبصر والفؤاد رغم هو الذي خلق كل شيء خلق الأنف وخلق الشعر وخلق اليد وخلق الرجل خلق الأمعاء وخلق المعده وخلق الرئه وخلق كل شيء إختص السمع والبصر والأفئده لأنها أدوات العلم والفهم والمعرفه فكيف لا نستغلها فيما خلقت له ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ والشكر باستخدام نعم الله فيما خلقت له أعطاك السمع كي تسمع المواعظ أعطاك البصر كي ترى الآيات وتستدل بها على وجود الخالق سبحانه وتعالى أعطاك الفؤاد أعطاك العقل لكي تعقل تعقل عن الرسل تعقل عن الوحي تعقل عن الكتب ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ أي لم تشكروا أبدا لأن الكلمة قليلا ما تشكرون أي لم يحدث منكم الشكر والخطاب للكفار وليس للناس عامه وليس للمؤمنين فالمؤمنون هم الشاكرون ومن قولهم قلما تنبت الأرض كذا أي بمعنى لا تنبت أبدا ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ أي لم يحدث منكم شكر أصلا ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ ذرأكم في الأرض خلقكم فيها وكثركم فيها ونشركم على سطحها ولم يضيقها عليكم بل ذللت كلها لكم فهناك من يعيشون في شمالها أو جنوبها أو شرفها أو غربها بثكم ونشركم في الأرض ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ الجمع يوم القيامه كما بثكم يجمعكم كما نشركم يجمعكم كما ذرأكم يحشركم كما بدأكم يعيدكم‬‬
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴿25﴾ قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٌۭ مُّبِينٌۭ ﴿26﴾
بعد كل ذلك يقولون للنبي وللمؤمنين متى هذا الوعد أي متى هذا الموعود متى هذا الذي تعدونا به من خسف الأرض أو إرسال الحاصب أو البعث أو النشور ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وجاءوا بحرف الشك ﴿إِنْ كُنْتُمْ﴾ وإن صرف شك أي إنهم شكوا في كلامهم أصلا هم لا يسألون عن الموعد وهم متيقنون بل يسألون عن الموعد وهم يستهزئون لأنهم جاءوا بحرف الشك (ان كنتم صادقين) أي لستم بصادقين فيما تدعوه من نشر وحشر وبعث وما إلى ذلك يستهزئون بهم ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أمر ربنا نبيه أن يرد عليهم العلم عند الله قيام الساعه الإتيان بالعذاب الإمهال أو التعجيل بالعقوبه المنصرف هو الله إذا فلا يعلم وقت الساعه إلا الله ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغته (انمال العلم عند الله) وجاء بصيغة الحصر إذ حصر علم الساعه عند الله لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي ولا رسول هو الله الذي يعلمها ﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ نذير أنذر وأحذر ﴿مُبِينٌ﴾ أوضح لكم طريق المهالك وأوضح لكم طريق النجاه إن عليك إلا البلاغ يبشر المؤمنين وينذر الكافرين تلك ويفه سيد الخلق وقد أداها على أكمل وجه كذّب كفار مكه بالنذر وتعجلوا واستهزأوا برسول الله يخوفهم وما يزيدهم ذلك إلا نفورا ينذرهم وما يزيدهم ذلك إلا نفورا وطغيانا كبيرا يضر لهم الأمثال ويحكي لهم القصص ويبين لهم مآل ومصير الأمم السابقه كل ذلك بحلم وبرحمة وهم يشتدون في عنادهم بل وصل الأمر بهم أن إستعجلوا العذاب وطلبوه بوسائل متعدده فمره يقولون ﴿قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة العنكبوت آية‫:‬ ٢٩] ومره يقولون ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [سورة ص آية‫:‬ ١٦] أي عجّل العذاب وعجل نصيبنا من العقوبه ومره يقولون ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [سورة الأنفال آية‫:‬ ٣٢] ومره يقولون عن النبي ساحر ثم يقولون بل شاعر ثم يقولون هو كاهن ثم يدعون أن غيره يعلمه ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [سورة الفرقان آية‫:‬ ٥] مره يرمونه بالكذب ومره يرمونه بالكهانه والسحر ومره يقولون بل هي رئيا قد سلط عليه أحاطت به الشياطين بل غضبت عليه الآلهة فأذهبت عقله وما سمعوا للحق أبدا وما أنصتوا لصوت الرحمة وكانوا في هذا يسيرون على نهج من سبقهم من الأمم المكذبه يقولون مقالتهم نفس المقاله وكما قالت ثمود لصالح ﴿وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [سورة الأعراف آية‫:‬ ٧٧] وكذلك جميع الأقوام طلبوا العذاب واستعجلوه فأرسل الله عليهم العذاب الذي طلبوه ولكن من حيث لم يحتسبوا حتى أن قوما منهم وصل بهم الإستهزاء أن رأوا العذاب آتيا من بعيد فخدعوا وخدعت أبصارهم قالوا هذا عارض ممطرنا أي سحاب قادم ممطرنا وتفاءلوا وانتظروا الخير وإذا هو ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لايرى إلا مساكنهم وقوم آخرون عتوا وتجبروا وأقسموا ليخرجن نبيهم من أرضهم أو يعودوا في ملتهم وهاهم يستهزئون ويستعجلوه بالعذاب ولا يأتيهم فيشتد جبروتهم وطغيانهم ويستدرجوا ويناموا نوما هنيئا عميقا وهم في نومهم وفي هدأه الليل يخرج نبيهم بأمر الله سالما هو ومن آمن معه ويخفض جبريل جناحان أجنحه الستمائه جناحا واحدا فيقتلع القرى من أصلها وجذورها ويرفع جناحه بهدوء وهم نائمون ويرفع جناحه حتى يسمع أهل الملأ الأعلى صياح الديكه ونباح الكلاب وفجأه يقلب جناحه وهم في ذاك العلو فيستيقظون وإذا هم في الهواء ليسوا على الأرض وقد قلبوا فأصبحت بيوتهم فوقهم والجبال مقلوبه والأنهار مقلوبه هم يقعون وتهوي بهم الريح في مكان سحيق وينزل عليهم الأحجار وكل ما قلبت القرى رأسا على عقب ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى(٥٣)فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى(٥٤)﴾ [سورة النجم آية‫:‬ ٥٣- ٥٤] وهكذا ما من أمه كذّبت واستعجلت العذاب إلا وأتاها الله به وهم آمنون وهم نائمون وهم في غفله وفجأءه العذاب أشد وطأه من العذاب نفسه يهلك أمه ويأتي بأمه وينشيء قرونا آخرين كلما جاءت أمة رسولها كذبوه فأتبع ربنا بعضهم بعضا وجعلهم أحاديث وأبعد القوم الظالمين وجاء النبي على فترة من الرسل أشرق على الوجود بنوره جاء رسولنا خاتما للمرسلين فاستقبل بما استقبل به الرسل وكذب كما كذبت من قبله الرسل واستعجل قومه العذاب كما فعلت الأقوام من قبلهم فلم لم يهلكهم الله كما أهلك من كان قبلهم؟ ما من أمه إستعجلت العذاب إلا وأتاها العذاب إلا أمة محمد يستعجلون العذاب ولا يأتيهم يطلبون حجاره من السماء ولا تنزل عليهم يطلبون ويدعون ويستعجلون وربنا يحيطهم بدائرة الحلم والعله ظهرت في قول الله ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ [سورة الأنفال آية‫:‬ ٣٣] الرحمة المهداه تلك العله رحمة للعالمين كما وأن الله لو أهلك هذه الأمه ما بقى في الأرض رجل يقول لا إله إلا الله إذ لو نزل العذاب لأهلكت هذه الأمه الأخيره ونجي النبي ورفع أو مات أو قتل ولا رسول بعده إذا فقد إنتهت الدنيا وعلى القيامه أن تقوم لكن الله برحمته الواسعة أبقى هذه الأمه وقد علم من الأزل أنه يخرج من أصلاب هؤلاء الكفار المؤمنون به وهو القادر على ذلك كما يخرج الماء السلسبيل من بطن الصخر الصلد قلوب قدت من الصخر بل هي أشد قسوة وخرج من هذه الأصلاب قلوب مؤمنه نقيه أضاءت الدنيا بإشراقاتها فكان الأصحاب وكان التابعون وكان الخير في أمة النبي إلى أن تقوم الساعه وتختم سورة تبارك بتساؤلات تساؤلات تضم كل ما جاء في هذه السورة من تعريف بالله وتوحيده لله وبيان لقدرة الله وحكمته في خلق السموات وفي خلق الموت والحياه هم يقولون ويستعجلوه في هذا الوعد إن كنتم صادقين ويجيبهم الصادق المصدوق (إنما العلم عند الله) فلا يعلم موعد قيام الساعه إلا الله وإن كانت أمارتها معروفه أخبرنا بها سيدنا رسول الله ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ إذا ً فعليه الإنذار وقد أنذر وحذّر وبيّن ووضح وترك الناس على الحجه البيضاء ليلها كنهارها مشرق وضاء ثم يقول الله حاكيا عن حالهم إذا وقع بهم العذاب في يوم وقوع العذاب‬‬‬‬‬‬‬‬‬
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةًۭ سِيٓـَٔتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ ﴿27﴾
‫﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾ العذاب القيامه أهوال الساعه أو الموت والإنسان في هذه الدنيا غافل أو نائم أو ناسي إلا من أخلصهم الله فتذكروا فإذا هم مبصرون نعم الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهوا في لحظه الموت تأتي حقائق العلوم وحقيقة المعارف وهذا الذي تراه ميتا ولا ينطق ولا يتحرك ولا يشعر هو أشد سمعا منك وأشد إبصارا منك بل هو أشد عقلا منك يرى الخائفين العلوم وحقيقة المعارف في هذه اللحظه تتبين المصائر إما إلى نعيم وإما إلى سعير إذ يرى العبد مقامه ومكانه وتأتيه ملائكة إما بالسلام وإما بالعذاب والعقاب بالتبكيت والتوبيخ في هذه اللحظه يعرف الإنسان مصيره تشير الآية لهذه اللحظه أو تشير إلى لحظه الساعه أو تشير إلى وقوف الكفار أمام جهنم حيث يحضرهم ربنا حولها جثيا ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾ العذاب ﴿زُلْفَةً﴾ إسم مصدر أزلفهُ إزلافاً قرّبه فلما رأوه زلفة أي قريبا منهم مزدلفا في منتهى القرب ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ ساءها رؤية العذاب ظهر عليها الإستياء والكآبة والنعم ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ(٤٠)تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ(٤١)﴾ [سورة عبس آية‫:‬ ٤٠- ٤١] وجوه مسوده علاها السواد علاها الغبار علاها الشؤم والذل والإنكسار ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ولم يقل (سيئت وجوههم) جاء بالمظهر وقال ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ تسجيلا عليهم بالكفر وتشنيعا عليهم ﴿وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ (تدْعون) قراءه أي تطلبون قيل قالت الملائكة لهم تبكيتا وتخويفا وإشعارا بما ينتظرهم هذا أي هذا العذاب ﴿الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ إفتعال من الدعاء أي تطلبون وتقولون ربنا عجّل لنا قطنا قبل يوم الحساب تدّعون تطلبون من الدعاء وقرأت تدْعون أو هي من الدعوى وليست من الدعاء إذ أن لا بعث ولا نشور كلما حذرهم من العذاب وكلما أنذرهم ذاك اليوم قالوا ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما ءأنا لمبعوثون فادّعَوْا أن لا بعث وأن لا نشور كلما ذكر العذاب فحين رأوه وساءت وجوههم قبل هذا الذي كنتم بسببه تدعون ألا بعث ولا نشور أو هذا الذي كنتم به تدعون تطلبون وتستعجلون‬‬‬
قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِىَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَـٰفِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍۢ ﴿28﴾
‫﴿أهلَكَنِيْ﴾ قراءه بإسكان الياء ﴿أهلكَنِيَ﴾ قراءه مشكلتهم كانت ظهور هذا النبي خافوا على سلطانهم خافوا على أموالهم خافوا على عبيدهم كانوا يرون الحل ليس في الإيمان به أو الإستماع إلى الحق الحل أن يموت محمد ذاك هو الحل وذاك هو الذي وصلوا إليه وتربصوا به الدوائر وجاءوا من كل قبيله بفتى وأعطوه سيفا صارما قاطعا بتارا أحاطوه ليلا وأرادوا أن يغتالوه وحين خرج المعصوم على الأعادي مكبرا يحثو التراب على الرءوس بلا ممانع وكاد الله لهم كما كادوا لمحمد ونجا منهم لم يجدوا وسيله إلا التمني أن يتمنوا له الموت وقالوا شاعر نتربص به ريب المنون تربصوا به المنون فقالوا غدا يموت كما مات من قبله ونرتاح ونستريح من كلامه وإيمان الناس به وإذا مات إنفض الناس ورجعوا إلى دين آباءهم وحاولوا قتله مره أخرى في غزوة بدر وفي غزوة أحد وهكذا كانوا يودون قتله ويتمنون موته فيقول الله قل لهم يا محمد أرءيتم إن أهلكني الله ومن معي أماتني وأمات الذين آمنوا معي وإنتهت المشكله مات الرسول ومات المؤمنون معه ولم يبق إلا الكفار فما الذي ينجي الكفار من عذاب الله هل بموته تنتهي الدعوه؟ هل بموته يصرف الله النظر عن التوحيد وعن العباده ويتركهم وشأنهم هل يفعل ذلك ربنا تبارك وتعالى فيقول (قل أرءيتم إن أهلكني الله) أي أماتني لأن الهلاك بمعنى الموت ﴿وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا﴾ بتأخير آجالنا فإن متنا أو بقينا من يجيركم من عذاب أليم ولم يقل من يجيركم بل قال ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾ رجاء بالكلمة بالظاهر بدلا من الضمير بدلا من أن يقول من يجيركم والخطاب لهم قال ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾ تشنيعا لهم وتسجيلا عليهم بالكفر ﴿مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ إذا ً فموت الرسول لا ينجي الكفار من العذاب لأن المعذب هو الله والمحاسب هو الله وما على الرسول إلا البلاغ المبين وكلمة عذاب أليم نكره وإذا جاءت الكلمة في صيغة النكره دل ذلك على الشناعه والفظاعه إذ لم تعرّف وكأن العذاب غير معروف وكثيرا ما تأمل الإنسان في هذه الدنيا أن تخشى لدغة العقرب أو لدغة الثعبان بل تخشى عضة الكلب بل تخشى الظلام بل تخشى الوحده وإذا رأيت البرق أو سمعت الرعد دخل الخوف في صدرك وإذا إستدعيت للسؤال من جهه مسئوله إرتعدت منك الفرائض بل قد يؤذيك الذباب وتؤذيك الهوام ويؤذيك البعوض وأتت نائم لو رأيت الميت وهو يدفن لو نزلت معه إلى القبر لوجدت ظلام القبر لا يقارن بظلام مهما إشتد سواء الليل ففي السماء نجوم أما في القبر فليس هناك نجوم وليس هناك ضياء ظلمه تطفي شمس دنيانا وكثيرا ما نزل الإنسان في القبور ووحد فيها الحشرات تسعى على الأكفان والأجساد دون مانع فأنت لا تفكر أن تقتل هذه الحشرات وإن قتلت هذه فمن يقتل تلك وهو ميت في نظرك لا يشعر بشيء فكثيرا ما رأينا في القبور عقارب وحشرات وحنافس وما إلى ذلك وسوينا الأرض على الميت وانصرفنا هو يسمع خفق النعال إذا فهو يشعر ويرى ترى لو سلطت عليه الحشرات والهوام فماذا يفعل واليد قد سكنت والرجل قد همدت والجسد كله بلا حراك لكنه يرى ويسمع ويشعر ويحس ويسأل ويجيب هذا الظلام الدامس هذه الوحده منذ مات أبوك منذ كم من السنين مات جدك؟ منذ كم من القرون والسنين إنتهت الأمم وهم في قبورهم مهما تحولت أجسادهم للتراب فهم في قبورهم يشعرون ويحسون وما أنتم بأسمع منهم تخيل كل ذلك واسمع لقوله حين يقول ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ عذاب القبر عذاب البرزخ عذاب البعث عذاب الإنتظار عذاب السؤال ثم بعد ذلك تأتي جهنم تأتي لا يساقون إليها بل تأتيهم هي وملائكة الله الغلاظ الشداد يقيدوها بالسلاسل وهي تحاول أن تتفلت منهم والله لو تفلتت لأهلكت ما بين السماء والأرض من يجير الكافرين من عذاب أليم ويرد المصطفى بأمر الله‫:‬‬‬‬
قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿29﴾
قل هو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء الرحمن الذي خلق المؤمنين برحمته ولرحمته الرحمن إسم من أسماء الله عز وجل وهو إسم علم كلفظ الجلاله الله لأن الله تبارك وتعالى يقول ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ [سورة الإسراء آية‫:‬ ١١٠] ولا يطلق هذا الإسم على أحد أبدا إلا الله ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ﴾ الرحمن الذي خلق الإنسان خلقه برحمته ولرحمته الرحمن الذي علم القرآن الرحمن الذي جعل الناس الشمس والقمر بحسبان الرحمن الذي مرج البحرين يلتقيان وجعل بينهما برزخ لا يبغيان الرحمن الذي أشرق الوجود كله بنور رحمته الرحمن الذي برحمته تشم عبير الورود الرحمن الذي برحمته تحس بأنفاس الوجود الرحمن الذي وهبنا الحياه الرحمن الذي جعلك تغذي وأنت في بطن أمك دون إراده منك ودون سعي من الأم بل وأنت في هذا الرحم الذي إشتق إسمه من إسم الرحمن أين تذهب فضلاتك؟ أنت تغذى ويدخل إليك الغذاء وأنت في بطن أمك من الحبل السري ولابد لكل غذاء أن تكون له فضلات لو خرجت فضلات الجنين لما تت الأمم من التسمم فأين تذهب فضلات الجنين؟ وبمجرد خروج الجنين من بطن أمه تخرج فضلاته من المخارج الطبيعة أين كانت من قبل؟ ولم لم تخرج من قبل إذا به يتبول وإذا به يتبرز وإذ بالرزق جاء بالثدي يسيل منه الغذاء دون رغبة الأم ودون تدخل منها ويتغير تركيب اللبن يوما بعد يوم فلونه في البداية أصفر ولونه في النهاية أبيض لونه يتغير ومذاقه يتغير وتركيبه يتغير بحسب إحتياج جسم الجنين فإن إحتاج لماده زادت الماده في اللبن دون أن يكشف عليه طبيب وإذا بدأت أسنانه في الخروج والظهور إحتاج لماده الكالسيوم فإذا باللبن تشتد فيه هذه الماده كلما إحتاج لشيء في نمو جسده وجسمه جاء اللبن مهيأ لذلك بل حرارة اللبن لم ينزل ساخنا فيؤذيه ولم ينزل باردا فيشفيه ينزل بدرجه في حرارته تلائم حراره جسمه فلا يتغير عن هذه الدرجه مهما كانت الدنيا برد ومهما كانت الدنيا حر سبحان الله ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ إي وربي آمنا به والحمد لله وهو الذي رزقنا الإيمان هو الذي منحنا هذا النور وأدخله في قلوبنا ﴿وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ والملفت للنظر في الآية أنه آخر المفعول مره وقدم المفعول مره ﴿آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ لم يقل آمنا به وتوكلنا عليه سياق الكلام يأتي كذلك لكنه قال ﴿آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ للإشعار بأمرين الأمر الأول الحديث عن الكفار فمن يجير الكافرين من عذاب أليم قل هو الرحمن آمنا به وجاء بلفظ الإيمان أولا لمقابله كفر الكفار وكأنه يشعر بمقالتنا بأننا نقول لهم آمنا ولم نكفر ككفركم فجاء بالفعل أولا لمجارة فعلهم ألا وهو الكفر وأخر المفعول ثم قال (وعليه توكلنا) وقدم الصله وقدم المفعول ليبين الإختصاص أن التوكل لا يكون إلا على الله فكلمه عليه توكلنا تختلف عن توكلنا عليه عليه إذا فقد قصرت التوكل عليه واختصصت الله بالتوكل وحصرته في الله إذ لا يمكن أن تتوكل على غيره والتوكل على الله تفويض الأمر إليه في كل الأمور وإذا توكلت على الله أرضاكورزقك الرضا بقضائه وقدره مهما كانت النتائج وصدق التوكل له علامه فكلنا نتوكل على الله ولكن منا الصادقون في توكلهم ودرجات الصدق مختلفه علامة صدق التوكل الرضا بالحاصل بمعنى لو أن رجر خرج لتجارة يأمل في الرزق زيأمل في الربح فسعى وأخذ بالأسباب وتوكل على الله فخسرت تجارته إن حزن فليس بمتوكل على الحقيقة لأنك حين تتوكل على الله معنى ذلك أنك قد فوضت له الأمر يارب سوف أقدم على عمل أوكلت إليك النتائج فآت لي بالخير فإن كان خيرك في الربح وربحك وإن كان خيرك في الخساره خسرك فلا بد وأن ترضى بالنتيجه أما أن تتوكل على الله وأنت تطلب شيئا بعينه فإذا لم يأتيك الشيء قلت كيف لم يأت وقد توكلت فأنت لست بصادق في توكلك التوكل معناه إيكال الأمر إليه معنى أنك قد أوكلت الأمر إليه هو أعلم هو أقدر إذا فبقدرته وبعلمه سوف يصرف لك أمرك فلابد وأن ترضى بالنتيجه إذا كنت صادق التوكل تلك علامة صدق التوكل ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ وقرأت فسيعلمون بالياء على صيغة الخبر سوف تأتي الأيام والدنيا عمرها قصير فستعلمون من هو في ضلال مبين نحن الذين آمنا بالله أم أنتم الذين كفرتم بالله ضلال مبين ضلال واضح ضلال ظاهر ضلال لايؤدي إلى العذاب وإلى الشقاء نعم ايها الاخ المسلم الايمان بالله نعمة الايمان بالله هبه الاسلام بيدك أن تسلم وتسلم أمرك إلى الله وأن تنطق بالشهادة وأن تأتي بأركان الإسلام أما الإيمان فهو رزق ويزيد وينقص يزيد الإيمان بالطاعه وينقص الإيمان بالمعصية ونبينا يقول إذا أذنب نكت في قلبه نكته سوداء والنكت بالكاف الحفر فإذا استغفر محيت وإذا لم يستغفر بقيت فإن أذنب ذنبا آخر نكت في قلبه نكته أخرى سوداء وهكذا حتى يسوّد القلب كله وذاك هو الران ثم تلى قول الله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ونتيجته معروفه كلا انهم عن ربهم يؤمئذ لمحجبون ايه الاخ المسلم سل الله أن يزيد إيمانك وأن يثبت قلبك على الإيمان فقلب العبد بن إصبعين من أصابع الرحمن تختم سورة الملك المنجيه المانعه الواقيه تختم بتساءل ظاهره سهل يسير والمتأمل فيه يسبح في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى يقول الله آمر نبيه أن يسأل قومه هذا السؤال‫:‬‬‬‬‬
قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْرًۭا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَآءٍۢ مَّعِينٍۭ ﴿30﴾
هذا هو السؤال الذي أختمت به السورة الغَوْر الغائر الذاهب في الأرض أبعد ما يكون الذهاب غار يغور غَوْراً فالغور الغائر أطلق عليه المصدر للمبالغة في شده إذهاب الماء للأرض وقد كان قوم النبي يشربون ويرددون من بئرين بئر زمزم وبئر ميمون بن الحضرمي وزمزم معلومه معروفه رحمة الله لأم إسماعيل ورحمة الله للعرب جميعًا ولا زالت تجري إلى يرمنا هذا ما نضبت وما نضب ماؤها وما إنتهت نفذت فكانوا يشربون من بئرين بئر زمزم وبئر ميمون بن الحضرمي وكان الماء معينا ظاهرا جاريا لايجدون مشقه في إجلاه فيسألهم أرءيتم إن أصبح هذا الماء غائرا في الأرض لاتصل إليه الدلاء ولا تصل إليهالأيدي زمهما أطلت الحبل وأنزلت الدلو لن يصل إلى الماء أبدا ً (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) المعين أي معيون ظاهر للعيون جاري أو المعين الكثير معن الماء كثر فالمعين الظاهر المعين الجاري المعين الكثير من يأتيكم بماء معين وترك الإجابه للعلم بها واختتمت السوره ولك أن تسأل نفسك هذا السؤال و تجيب أنت عليه فليس لك سوى إجابه واحده هو الله هل صنع الإنسان الماء مع تقدم العلوم حدث الجفاف منذ قليل في بلاد كثيره وكاد أن يحدث في مصر لولا رحمة الله لولا دعاء الصالحين منا لنضب ماء النيل ولاحترقت الزروع ولهلكت الدواب ومع تقدم العلوم هل تمكن الإنسان من صنع الماء رغم أن العلم قد وصل إلى تركيبه الماء من أي شيء هو من غازين إثنين لا أكثر ولا أقل غاز دخان هواء علم العلماء بهذه التركيبه وهذا الغاز الذي ركب منه الماء موجود فعلا في الهواء موجود في المعامل موجود في كل مكان فهل إستطاع الناس أن يأخذوا هذا الغاز ويركبوه كما ركبوا كثيرا من المعادن والأدويه والمركبات وما إلى ذلك هل إستطاعوا أن يأخذوا هذا الغاز المتوفر في الهواء فيركبوه فيصنعوا منه الماء؟ هل إستطاعوا ولا يزال السؤال متجددا إلى أن تقوم الساعه والسؤال وإن كان موجها لكفار مكه الذين كانوا يشربون من بئرين اثنين وإنما السؤال على العموم لنا جمعيا هاهو نهر النيل يجري أءمنتم أن يجف وقد حدث وكاد يجف هاهي الأمطار كادت بل توقفت سنوات وحدث الجفاف وهكذا ولو نظرت إلى الماء في هذا الوجود لوجدت له دوره غريبه كدورة الإنسان يتزوج وتحمل المرأه وإذا بالجنين ينمو ثم ينزل ثم يحبو ثم يكبر وهكذا تجدها في الماء الشمس المشرقه التي خلقها الله وسخرها إذا بها تسلط على أمواه البحار فيتبخر الماء وما يتبخر منه العذب وأما الملح فيبقى في الأرض ويصعد البخار إلى جو السماء ويأتي الرياح فتزجيه وتوجهه وتجمعه حتى يصبح سحابا ثم تأتي به وتجعله طبقات كثيفه مليئه بالماء وتأتي الرياح وتوجهه حيث أراد الله يأمر ربنا هذا السحاب أن أنزل ما فيك من مطر وينزل المطر على الجبال فيجعل لنفسه مجاري تحفر في الجبال ونتيجه حث أراد الله منابع الأنهار بحيرات ضخمه مخازن للماء العذب تتجمع ثم تتفرع منها الأنهار عذبه سائغه فتروى الزروع والأشجار ويشرب منها الإنسان والنبات والحيوان وبها تستمر الحياه فقد خلق الله كل شيء من الماء وما زاد عن حاجتك من هذه المياه يصرف إلى الترع والمصارف وكل ذلك يساق مره أخرى إلى البحر الذي صعد منه أصلا البخار وكل ذلك يعود إلى البحار ماوثا قذرا ضارا وليس نافعا فينقى ويظهر ويعود إلى خلقته ثم يأتي الشمس فتتبخره وهكذا دوره كامله كدورة الحياه سبحان الله هو الرحمن هو الله سؤال لك أن تتأمل فيه كيف شئت ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ فإن أصبح هذا الماء غورا فمن يأتيكم بماء معين إذا لو أصبح هذا الماء غورا لانهدمت الحياه وانقطعت الحياه ودمرت الحياه من على وجه الأرض مهما كان لديك المال مهما كان لديك العدد مهما تقدم العلم هذه الحضارات التي يسمونها حضارات والأسلحه والطائرات كل ما في هذا الوجود لو إمتنع الماء لامتنعت الحياه وصدق الله ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ هو الله الذي يأتينا بالماء المعين هو الله الذي يأتينا بالرزق هو الله الذي يهدينا إلى سبيله وطريقه هو الله الذي نسأله العفو والعافيه هو الله الذي تلجأ إليه وعليع نتوكل هو الله الذي ملأ الإيمان به قلوبنا هو الله الذي نرجو رحمته ونخشى عذابه هو الله وليس مع الله شيء هو الله الواحد القهار العزيز الغفار ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾ [سورة الإسراء آية‫:‬ ١١٠].‬‬‬