
سورة إبراهيم
مقدمة
لقاؤنا مع سورة إبراهيم سورة مكية سُميت بهذا الإسم تمجيدا ً وتخليدا ً لمآثر أبي الأنبياء وإمام الحنفاء الذي جاء بالحنيفية السمحاء المسلم الذي كان حنيفا وما كان من المشركين سُميت السورة بإسمة تخليدا ً لمآثر وسوْقا ً لبعض دعائة الذي ما يقرأه مسلم إلا ويشعر بالقرب من الله سورة إبراهيم سورة مكية تهتم بأصول العقيدة الإيمان بالله بالإيمان بالرسل الإيمان بالبعث والجزاء السورة تسوق لنا بيانا لدعوة الرسل توضح أن دعوتهم واحدة وهدفهم واحد وإن إختلفوا في الفروع توضح السورة ما يدور بين الرسل وأقوامهم وكيف رد الرسل دعوة أنبيائهم وكأنهم قد أوصى بعضهم بعضا بالكفر تسوق قيسا ً من قصة موسى ودعوته لقومه وتسوق خبرا من قصص الأمم المكذبة قوم نوح قوم هود قوم صالح تضرب مثلا ً لكلمة الإيمان ومثلا للكلمة السيئة تضرب مثلا لكلمة الإيمان بشجرة طيبه وتضرب مثلا لكلمة خبيثة بل وتصوّر لنا السورة مشهدا ً من مشاهد يوم القيامة وكيف تبرأ الأتباع من المتبوعين وتبرأ المتبوعون من الأتباع وكيف تلاوموا حيث لا ينفع اللوم ولا ينفع الندم بل وتسوق السورة وتحكي عن تبرأ الشيطان من كفر الكافرين وتبرأ الشيطان من سيطرته على أحد ولم يكن تصرفه وسلوكه إلا دعوه وهم المسئولون عن إجابة دعوته تبين السورة مصير المؤمن ومصير الكافر تُعني بالعقيدة أيّما إعتناء وتُفتتح السورة بلُغز بسر بحروف مقطعه
الٓر ۚ كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ ﴿1﴾
ٱللَّهِ ٱلَّذِى لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَوَيْلٌۭ لِّلْكَـٰفِرِينَ مِنْ عَذَابٍۢ شَدِيدٍ ﴿2﴾
ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلْـَٔاخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ فِى ضَلَـٰلٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿3﴾
وتأتي آية ترد على مشركي مكه وتبين أن دعوة الرسل واحده واللغه تختلف بحسب العصر بحسب الزمان وتبين رحمة الله عز وجل فيقول عز من قائل:
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴿4﴾
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَـَٔايَـٰتٍۢ لِّكُلِّ صَبَّارٍۢ شَكُورٍۢ ﴿5﴾
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَىٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ۚ وَفِى ذَٰلِكُم بَلَآءٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌۭ ﴿6﴾
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌۭ ﴿7﴾
وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكْفُرُوٓا۟ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًۭا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ ﴿8﴾
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا۟ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍۢ وَعَادٍۢ وَثَمُودَ ۛ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا ٱللَّهُ ۚ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوٓا۟ أَيْدِيَهُمْ فِىٓ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوٓا۟ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِى شَكٍّۢ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍۢ ﴿9﴾
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّۭ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ مُّسَمًّۭى ۚ قَالُوٓا۟ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌۭ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿10﴾
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَـٰنٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴿11﴾
وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ ﴿12﴾
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰٓ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴿13﴾
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ ٱلْأَرْضَ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ ﴿14﴾
وَٱسْتَفْتَحُوا۟ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍۢ ﴿15﴾
مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍۢ صَدِيدٍۢ ﴿16﴾
يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍۢ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍۢ ۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٌۭ ﴿17﴾
مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَـٰلُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍۢ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا۟ عَلَىٰ شَىْءٍۢ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَـٰلُ ٱلْبَعِيدُ ﴿18﴾
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ بِٱلْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍۢ جَدِيدٍۢ ﴿19﴾
وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍۢ ﴿20﴾
وَبَرَزُوا۟ لِلَّهِ جَمِيعًۭا فَقَالَ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُا۟ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًۭا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍۢ ۚ قَالُوا۟ لَوْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَـٰكُمْ ۖ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍۢ ﴿21﴾
وَقَالَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى ۖ فَلَا تَلُومُونِى وَلُومُوٓا۟ أَنفُسَكُم ۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِىَّ ۖ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ ﴿22﴾
وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـٰمٌ ﴿23﴾
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًۭا كَلِمَةًۭ طَيِّبَةًۭ كَشَجَرَةٍۢ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌۭ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ ﴿24﴾
تُؤْتِىٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍۭ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿25﴾
وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍۢ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍۢ ﴿26﴾
يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْـَٔاخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴿27﴾
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًۭا وَأَحَلُّوا۟ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴿28﴾
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ ﴿29﴾
وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادًۭا لِّيُضِلُّوا۟ عَن سَبِيلِهِۦ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا۟ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ ﴿30﴾
قُل لِّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّۭا وَعَلَانِيَةًۭ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خِلَـٰلٌ ﴿31﴾
ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءًۭ فَأَخْرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقًۭا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِۦ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْأَنْهَـٰرَ ﴿32﴾
وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ﴿33﴾
وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱلْإِنسَـٰنَ لَظَلُومٌۭ كَفَّارٌۭ ﴿34﴾
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾ هذه الأنهار من الذي أجراها؟ وكيف جرت؟ وكيف شقت طريقها؟ أمطار تنزل على الجبال ثم تنحدر ثم يختط لها مسار من الذي خط هذا المسار؟ ما من إنسان إلا ووجد الأنهار قبل أن يوجد وسخر لكم الأنهار كلمة سخر تعني ذلّل هيأها لإنتفاعكم واستفادتكم ومصلحتكم وما يصلحكم كما تحمل معنى آخر ألا وهو سخرها لكم: هدكم وعلمكم كيف تستفيدون منها من الذي علمنا صناعة الحديد والدروع؟ داوود أول من صنع الدروع وأول من أذاب الحديد ونسجه من الذي علمه؟ ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾ [سورة الأنبياء آية: ٨٠]. قد توجد النعمة ولا تدري كيف تستفيد منها ولا نعلم خواص النعمة أو يمكن أن يُستقاد أو كيف يُستفاد فترى الشيء وترى أن فيه فائدة لكنك لا يمكن أن تصل إليها فيهديك للوصول إليها ةما هذه الإختراعات والإكتشافات كلها إلا من فضله وإلهامه وتعليمة ذاك تسخير ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ﴾ الدءوب من الدَأْب والدأَب: الإستمرار على الحالة المعينة أو على العادة بصفة مستمرة في كل الأحوال الداوم ترى هل الكلام عن الدوام في الشروق والغروب؟ عن منازل القمر ومنازل الشمس؟ الشروق من نفس المكان وفي نفس الموعد ثلاثمائة وخمس وستين يوما وخمس وستين مشرقا فحين تشرق الشمس اليوم ليس من المكان الذي أشرقت منه بالأمس بل هي منازل على مدار العام وكذلك مشارق القمر ومغارب القمر حتى أن الناس حسبوها وكتبوها وعُرف الموعد لا يختل لا يتقدم ولا يتأخر ومن نفس المكان في نفس اليوم فالمكان متغير يوميا فهل الدءوب المذكور هذا الإستمرار؟ أم إنتفاع الخلق بهما فالشمس رفء الشمس ضياء الشمس حرارة الشمس تبخر ماء البحار والمحيطات حتى يتنزل المطر عذبا ً بعد أن كان مالحا ً والمد والجزر الحادث في المياة نتيجة شروق القمر والمواضع هل؟ كل ذلك تحمله الآية ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا من فضله فيه المعايش وتخيل لو أن الدنيا ليل على الدوام أو نهار على الدوام
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(٧١)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(٧٢)﴾ [سورة القصص آية: ٧١- ٧٢] ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ أي أعطاكم بعضا من كل شيء سألتموه كل ماسُئل أعطى بقدر بحكمة ذاك معنى ومعنى آخر وآتاكم من كل ما سألتموه ومن كل ما لم تيألوا كقوله ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ(٨١)﴾ [سورة النحل آية: ٨١]. ولم يأت بذكر سرابيل تقيكم البرد هل سألتم الله شمسا؟ هل سألتم الله قمرا؟ هل سألتم الله سماءا ً؟ هل سألتم الله أرضا؟ إذا ً فقد أعطاكم من كل ما سألتموه في صرحكم وعرفتموه وكذلك أعطاكم مما لم تسألوه ومعنى آخر: قيل "من" زائدة أي أعطاكم كل ما سألتموه أو هي للتبعيض كما قلنا فما من شيء سألتموه إلا وأعطاكم منه شيئا وقُرأت ﴿وآتاكم من كلٍ ما سألتموه﴾ وهنا معنيان: ﴿أعطاكم من كل ٍ ما سألتموه﴾ الذي سألتموه أي ما سألت أخذت ما طلبت أُعطيت من كلٍ أي من كل شيء التنوين بدلا ً من الإضافة أو "ما" نافية ويكون المعنى "وأعطاكم من كل ٍ" من كل شيء (ما سألتموه) أي لم تسألوه شيئا فأعطاكم من كل شيء سبْق فضل محض إحسان أي لم تسألوه شيئا ومع ذلك هاهو قد أعطاكم وارجع وتأمل ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ(٣٢)وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ هل سألتم شيئا من هذه ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ ذاك هو القول الفصل والصدق والحق الإحصاء: أصلا من الحصى فقد كانت العرب لا يعرفون العد ولا يعرفون الحساب فكان العد بالنسبة لهم بالحصى فسُمي العد بالحصى إحصاءا ً ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ جنس النعمة ثم مفردات النعمه فجنس النعمة: الطعام فالطعام نعمة مفردات الطعام الحلو والمر والمالح هل يمكن لك أن تعد أصناف الخضار؟ أصناف الفواكة أصناف ما يؤكل؟ وإن تمكنت طريقة الطهو هل يمكن؟! فالنعمة: جنس النعمة ثم مفردات النعمة ثم الإستفاده بمفردات النعمة إذا ً لا يمكن أن تعد النعمة ولا تُحصى وجود الإنسان في هذه الدنيا نعمة هذا الجسد الذي يمشي على الأرض لو حاولت أن تعد النعم في هذا الجسد لا يمكن ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ في حالة الشدة يشكو ويجزع وفي حالة النعمة يجمع ويمنع ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفار في النعمة يجمع ويمنع أيها الأخ المسلم بعد هذا التعديد لنعم الله عز وجل بعد هذا البيان وضرب الأمثال لكلمة التوحيد ولكلمة الشرك لابد وأن يؤتى بالمثل الحي حصن التوحيد إما الحنيفيه ألا وهو أو الأنبياء إبراهيم
بدأت الايات تحكي عن حصن التوحيد عن أبي الأنبياء عن إمام الحنفاء يقول الله تبارك وتعالى: